-

آدم سميث (فيلسوف وعالم اقتصاد)

(اخر تعديل 2024-09-09 08:09:33 )
بواسطة

آدم سميث (Adam smith) فيلسوف واقتصادي ليبرالي، ولد في 16 تَموز عام 1723م، في قرية صَغيرة تُدعى كيركالدي وهي إحدى القرى الاسكتلندية القريبة من إدنبرة، والده كان يَعمل مفتش عام في الجمارك، ولم يَلبث إلا ثلاثةَ أشهر من عمره حتى تُوفي والده، وبالتالي نَشأ برعاية والدته، مارغريت دوغلاس وهي ابنة أحد أغنياء القرية.

التَحق الطفل بمدرسة كيركالدي الابتدائية، وعند بلوغه سن الرابعة عشر غادر القرية ليلتحق بجامعة جلاسكو، ليدرس الفلسفة الاجتماعية، ويَبدو أنَّه كان مُتأثراً في هذه الفترة بأستاذ الفلسفة والأخلاق الشهير فرانسيس أوتشيسون، حيث كان لأفكاره أثر كبير في تَشكيل شخصية الطالب سميث، خاصةً فيما يَتعلق بالاقتصاد والفلسفة، وبعد مُرور ثلاث سنوات دراسية أكمل آدم الدراسة وحَصل في ذات الوقت على منحة لإكمال دراسته العليا.

في عام 1740م التحق آدم بجامعة أكسفورد بكلية باليول، حيث تَابع دراسته بالفلسفة الكلاسيكية والفلسفة المُعاصرة، إلى أنْ أكمل دراسته ببراعة في سن الثالثة والعشرين، وبعدها عاد إلى قريته، وفي عام 1748م بدأ سميث بإعطاء محاضرات في إدنبرة، في العديد من المواضيع، مثل: الاقتصاد والفلسفة والتاريخ، كما عمل في كتابة المقالات في مجلة إدنبره ريفيو.

وفي عام 1751م تَم تَعيينه في جامعة جلاسكو كأستاذ للمنطق، وكان في السابعة والعشرين من عمره، وبعد عام أصبح أستاذاً للفلسفة الأخلاقية، ويَبدو أنّ هذه الفترة من حياته كانت الأكثر إبداعاً وتَميزاً، حتى انتهى به المطاف عميداً للكلية عام 1758م.

كما عمل آدم سميث مُعلماً لدُوق بوكليوش، حيث كان يُرافقه في رَحلاته، وفي عام 1763م سافر إلى فرنسا حيث عمل مُدرساً خاصاً لابن تشارلز تاونسند، وهو من رجال الاقتصاد وشغل منصب وزير المالية.

عاد آدم سميث من فرنسا إلى مَسقط رأسه عام 1776م معلناً تَقاعده عن العمل، وبدأ في التَرويج لعدّة أفكار والتي شكلت فيما بعد قواعد علم الاقتصاد الكلاسيكي، كما أنّ أفكاره أَصبحت بمثابة الأساس الذي بنى عليه أصحاب النَظرية الاقتصادية الكلاسيكية.

تَجدر الإشارة إلى تأثر سميث بأفكار عدة فلاسفة واقتصاديين منهم؛ الفيلسوف الاسكتلندي ديفيد هيوم، كما تأثر بأستاذ الفلسفة والأخلاق الشهير فرانسيس أوتشيسون، ثمّ بدأت أفكار سميث تَظهر واضحةً للعيان لدى كل من ديفيد ريكاردو وكارل ماركس خلال القرن التاسع عشر، بالإضافة إلى جون مينارد كينز وميلتون فريدمان خلال القرن العشرين.

كان آدم سميث يُؤمن وبشدّة بمفهوم اقتصاد السوق الحر، حيث يَرى أنّ المصالح الفرديّة سوف تُؤدي إلى خَلق اقتصاد مُتوازن دون الحاجة إلى فَرض قُيود معينة، أمَّا أفكاره في الفلسفة والاقتصاد فتتلخص على النحو الآتي:

فلسفة الأخلاق

يَرى آدم سميث أنّ المُجتمع البشري مرَّ بالعديد من المراحل حتى وصل إلى حالته الراهنة، إذ بدأ بالمرحلة الأولى التي يَرى أنّها عبارة عن حياة الإنسان في البريّة معتمداً على الصيد من دون أيّ حُقوق تَتعلق بالملكيَّة، ومن ثمَّ التَحول إلى حياة المَسكن الثابت والزراعة.

أمّا المرحلة الثانية وهي مَرحلة المجتمع الإقطاعي والتي تَميزت بوضع بعض القوانين وحُقوق الملكيّة التي اقتصرت على طبقة الأغنياء والمُلّاك دون غيرهم.

فلسفة الاقتصاد والأسواق الحرة

يَرى آدم سميث أنّ دَور الحكومة في أيّ بلد يَنبغي أنْ يَقتصر على الدفاع والتعليم فقط، أمّا الاقتصاد فيَنبغي أنْ يَكون قائماً على فلسفة الأسواق الحرّة غير المُقيدة، ودون تَدخل حُكومي فيها، واعتماد السوق على قُوة العرض والطلب، ويَرى أنّ الأمم الغنية هي تلك التي يَكون أكثر مواطنيها عاملين في مجال الإنتاج.

كما أكّد سميث على أهميّة وجود الإطار المؤسسي من أجل تَوجيه الناس إلى سُبل وطرق الإنتاج الصحيحة، والتي تَدعم المجتمع وتَعود عليه بالنفع، كما وتُعد هذه المؤسسات بمثابة النظام الذي يَتولى تَعزيز وحماية المنافسة الحرة.

يَبدو أنّ ما وضعه آدم سميث في كتابه "ثَروة الأمم" من آراء وأفكار كان لها وقع كبير في إيجاد ما بات يُعرف بالاقتصاد السياسي، والعمل على جعله نظاماً منهجياً مستقلاً بذاته، خاصةً في العالم الغربي، والذي كان ضد المذهب التجاري.

ترك آدم سميث العديد من المؤلفات القيّمة ومنها ما يأتي:

  • كتاب ثروة الأمم: نُشر هذا الكتاب في عام 1776م، وهو من أعظم الكتب التي ألفها الاقتصادي الشهير آدم سميث، حيث وضَع من خلاله أول وصف للطريقة التي يَتم بها بناء ثَروة الأمم، حيث يُعد الأساس الشرعي لعلم الاقتصاد الكلاسيكي، وقد نَاقش فيه العديد من المسائل الاقتصادية، مثل: تَقسيم العمل والإنتاجية والأسواق الحرّة وغيرها من الموضوعات المُهمة.
  • كتاب نظرية المشاعر الأخلاقية: نُشر هذا الكتاب عام 1759م، كما أنّ هذا الكتاب مهد القواعد الأساسية للكثير من الأعمال اللاحقة للكاتب، والتي تَتعلق بالأخلاقيات والمفاهيم العامة للفلسفة بما فيها كتابه ثروة الأمم، وفيه قسم سميث الفلسفة الأخلاقية إلى أربعة أقسام هي: الحقوق الخاصة والحقوق الطبيعية والأخلاق والفضيلة، كما قسّم حُقوق الأسرة وسماها الاقتصاد، وحقوق الدولة والأفراد وسماها السياسة.
<section class="panel" data-content="<div class="panel-success"><p class="ql-direction-rtl ql-align-right">جميع ما ألفه ووضعه آدم سميث فيما يَتعلق بالاقتصاد والأعمال هو بمثابة <strong>المَراجع الرئيسية</strong> للكثير من الاقتصاديين والفلاسفة في مختلف أنحاء العالم ولغاية الوقت الراهن.</p></div>" data-denotation-char="" data-editor-class="editor-1" data-id="86e19771_6a0c_48f4_a3dc_e223decd1f31" data-index="4308" data-panel-type="default" data-ref="" data-answer="null" data-question="null" title="صح">

جميع ما ألفه ووضعه آدم سميث فيما يَتعلق بالاقتصاد والأعمال هو بمثابة المَراجع الرئيسية للكثير من الاقتصاديين والفلاسفة في مختلف أنحاء العالم ولغاية الوقت الراهن.

</section>

لا تُوجد الكثير من الأحداث أو الظروف التي رافقت وفاة المفكر الشهير آدم سميث، سوى أنّه تُوفي بتاريخ 17 تموز لعام 1790م في مدينة إدنبرة عن عمر نَاهز 67 عامًا، كما أنّه لم يَتزوج طيلة حياته، ويَبدو أنّ الوفاة جاءته بَعد مرض مؤلم، وتُشير الأنباء إلى أنّه كرّس جزءاً كبيراً من أمواله التي جناها للأعمال الخيرية.

بما أنّ سميث أحد مؤسسي الفلسفة ومبادئ الاقتصاد في عصر التَنوير الاسكتلندي، تَمت طباعة صورته على الأوراق النَقدية في اسكتلندا وإنكلترا تكريمًا له، وتم إنشاء تِمثال في كاتدرائية سانت جايلز في إدنبرة.

قبل وفاته بوقت قصير كان قد أقدم سميث على تدمير جميع مَخطوطاته التي وضعها في سنوات حياته الأخير، ولا يُعرف السبب وراء ذلك، حيث كان يُعد العدّة لوضع نظريتين: الأولى كانت عن تَاريخ القانون، والثانية عن العلوم والفنون، وهو أمر أشارت إليها المقالات التي كتبها ونُشرت بعد وفاته عام 1795م.

هُنالك الكثير من الأقوال المأثورة التي قالها آدم سميث في مُختلف المجالات ومنها ما يأتي:

  • فيما يَخص تَقسيم العمل: "إنّ الزيادة الهائلة للعمليات الإنتاجية في مُختلِف الاختصاصات كنَتيجة لتقسيم العمل هي التي تُؤدي في مجتمع الحكم الرشيد إلى ثراءٍ شاملٍ يَتغلغل إلى الشرائح الدنيا من الناس".
  • فيما يَخص العدل: "إذا أردنا وصول الدولة إلى أعلى درجات الثراء انطلاقًا من أدنى درجات البربرية، فلا نَحتاج إلى الكثير من المُتطلبات، وذلك إذا تَوفَّر السلام والضرائب السهلة وقَدْر مَقبول من تَطبيق العدل، أمّا العوامل الأخرى فيَتكفل بها المسار الطبيعي للأمور".
  • عن اليد الخفية: "الغنيّ لا يَستهلك أكثر من الفقير إلا قليلًا، وعلى الرغم مما في طبعه من أنانيّة وجشع … فإنّه يَتقاسم مع الفقير كل ما تَتمخض عنه التحسينات التي يُبدعها. إنّ أمثال هذا الغني يَتحركون وفقًا لإرشادات يد خفية لتَحقيق التوزيع نَفسه تَقريبًا لضروريات الحياة، الذي كان ليتحقق لو كانت الأرض مقسَّمة إلى حِصص مُتساوية فيما بين كل سكانها، وبهذا فإنهم يُعززون مَصلحة المجتمع دون نية لفعل ذلك أو دراية بأنّهم يُعززونها، ويُوفِّرون الوسائل اللازمة لتكاثر بني البشر".
  • فيما يَخص التخطيط: "إنّ رجل النظام غالبًا ما يَكون على دراية شديدة بغروره وخُيَلائه، وكثيرًا ما يُتيَّم بالروعة المزعومة لخطته الحكومية المثالية إلى درجة تَجعله يَرفض أبسط انحراف عن أيّ جزء منها، ويَبدو أنّه يَتخيل نفسه قادرًا على تَنظيم مُختلِف أفراد المجتمع الكبير بالسهولة نفسها التي تُحرِّك بها اليدُ قطعَ الشطرنج، غير أنّه لا يُدرك أنّه في رقعة الشطرنج الكبيرة للمجتمع البشري، تَمتلك كل قطعة مبدأً للحركة يَخصها ويَختلف تَمامًا عمّا يَختار، المشرِّع فرضه عليها".