-

العمالة الوافدة في الوطن العربي

(اخر تعديل 2024-09-09 08:09:33 )
بواسطة
كانت وما زالت الدول العربية عامةً، ودول الخليج خاصةً وجهةً مستهدفة من قِبل الأيدي العاملة، وزادت الأعداد بشكل كبير في الأعوام الماضية؛ وذلك لاكتشاف النفط في الدول المستقبلة، ولزيادة عدد السكان في الدول المورّدة للعمال، وصارت نسب المهاجرين بالنسبة لعدد العمال المحليين من أعلى المعدلات في العالم، حيث تنتشر الأيدي العاملة في العديد من القطاعات؛ كعُمال البناء، والضيافة، بالإضافة إلى عمال المنازل، وفي عام 2017م بلغ عدد العمال 23 مليون عامل مهاجر، وكانت نسبة العاملات من النساء 39%، أما في عام 2019م فقد ازدادت الأعداد، فكان أعداد العاملين في دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى الأردن ولبنان حوالي 35 مليون مهاجر، حيث بلغت نسبة النساء 31% وذلك حسب قسم السكان التابع للأمم المتحدة.


فيما يلي أنواع هجرة العالم العربي:


الهجرة العربية داخل دول منطقة العالم العربي

كانت المراكز الحضرية الكبيرة المزدهرة في البلاد العربية محط اهتمام المهاجرين إليها، كمصر، والعراق؛ وذلك بسبب ثبات الحياة السياسية والاقتصادية فيها، كما أنها كانت تمتلك القدرة على توفير فرص العمل للمهاجرين إليها، وتقدّم إليهم الخدمات الاجتماعية التي يحتاجون إليها، وفيما بعد، ارتفعت نسب الهجرة ما بين الدول العربية إلى أكثر من 3 ملايين مهاجر، وذلك بعد اكتشاف النفط في سبعينيات القرن الماضي، إذ تدفقت أعداد هائلة إلى الدول النفطية بحثًا عن الدخل المرتفع، والحياة الكريمة، عدا عن العوامل السياسية المختلفة التي دفعت سكان الدولة إلى الخروج منها.


الأيدي العاملة الأجنبية في العالم العربي

تعتبر هذه العمالة الوافدة في الدول العربية من أشهر مظاهر الهجرة العالمية، حيث أنها شوهدت في عصرنا الحديث حتى قبل اكتشاف النفط، إذ لعب الهنود والباكستانيون دورًا كبيرًا في وظائف عديدة في الخليج العربي، إلا أنه بعد اكتشاف النفط، أي بعد عام 1975م تقريبًا، زادت أعداد المهاجرين والعمال بشكل كبير، القادمين من جنوب وجنوب شرق آسيا، ومن الشرق الأقصى؛ للعمل في الدول العربية النفطية، فارتفع عدد العمال في الدول العربية من 15,000 إلى 160,000، واستمرت الأعداد في الصعود، حتى بدأت مؤخرًا دول أفريقيا في تصدير الأيدي العاملة بشكل متزايد، إذ صار هناك تزايد في أعداد العمال الذين يأتون من شرق إفريقيا؛ كدول أثيوبيا، وأوغندا، وكينيا.


حديثًا، بلغ عدد العاملين في دول مجلس التعاون الخليجي الستة حوالي 10% من جميع العمال المهاجرين على مستوى العالم، حيث تعد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ثالث وخامس أكبر الدول التي يوجد بها عدد مهاجرين في العالم على التوالي، أما مملكة البحرين، وقطر، والكويت فيشكل عدد المهاجرين فيهم من العمال غالبية السكان، وأكثر من عدد السكان في كل من قطر والإمارات وذلك بنسبة 80%.


ازدهرت البلاد المستقبلة للعمالة الوافدة بشكل ملحوظ، وترتبت عن هذه الهجرة العديد من الفوائد والنتائج الجيدة ليس فقط على الدولة المستقبلة وإنما الدول المصدرة للعمالة الوافدة وعلى العامل نفسه، ومنها الآتي:

  • تمكنت العمالة الوافدة من تنمية اقتصاد الدول المستقبلة لها، خاصةً في الحوالات الصادرة والقادمة، إذ بلغت التحويلات التي قام العمال المهاجرون ببعثها لعام 2017 حوالي 124 مليار دولار أمريكي، حيث وُضعت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية والثالثة، وذلك على مستوى العالم للتدفق في التحويلات الخارجية، ووُضعت الكويت وقطر في المرتبة الثامنة والعاشرة.
  • اكتسبت الأيدي العاملة في بلاد الهجرة مهارات وخبرات مختلفة ومتنوعة، مما أثرى أداءهم، وصنع منهم موارد بشرية ذات كفاءة عالية لبلدهم الأصلي، وذلك في حال عودتهم.
  • زيادة إنتاجية العمل وتخفيف الضغط على الخدمات في البلاد المكتظة بالسكان والعاطلين عن العمل بعد تدفق العمالة من البلاد إلى الخارج.
  • تعتبر الهجرة هي أحد أكبر الطرق التي تتفاعل فيها دول مجلس التعاون الخليجي مع بقية العالم، وتظهر بشكل واضح وجليّ الفوائد الاقتصادية للعمالة الوافدة فيها، من حيث انخفاض نسبة البطالة، وارتفاع مستوى المعيشة، والزيادة في الأجور.


فيما يلي أهم العواقب الرئيسية لمجيء العمالة الوافدة إلى دول النفط الثمانية، والتي يمكن تسميتها بملامح اقتصاد ما بعد النفط:

  • اللجوء التام إلى النفط: مكّن النفط الدول المنتجة له من الاستغناء عن تنمية الموارد الداخلية؛ كالزراعة، والصناعة، والتعليم، فاعتمدت اعتمادًا شبه كلي على النفط، والذي يعدّ بمثابة فرصةً مؤقتة، حيث إنه مورد غير دائم، والأعمال التي تقوم على تشجيعها العائدات المتعلقة بالنفط تعتمد بصورة مؤقتة على الفائدة التي تحصل من هذه الأموال، مما يخلق انتعاشًا اقتصاديًا مؤقتًا.
  • النقص الحاد في العمالة المحلية: وجود عدد كبير من العمالة الوافدة في الدول التي يذهب إليها المهاجرون بالنسبة لإجمالي السكان.
  • زيادة عدم المساواة في الموارد الإنتاجية والبشرية ما بين دول العالم العربي: أي بين الدول الغنية بالنفط، والدول الغنية بالسكان، مما خلق طفرة في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية في الشرق الأوسط.
  • التأثير في الدول الفقيرة: إضعاف إمكانيات التنمية للدول الفقيرة؛ وذلك لتعرّضها للانخفاض الهائل في عدد القوى العاملة المحلية، والتي هاجرت إلى دول أخرى.
  • ظهور ملامح العبودية: إذ تعرّض الكثيرون من العمّال إلى ظروف مروعة بسبب الغايات الاستغلالية للعديد من شركات استقدام العمال، إذ لم يتلقّ واحد من بين خمسة مهاجرين هنود نفس الوظيفة والأجور والمزايا المتفق عليها في عقود عملهم، وذلك وفقًا لدراسة تمّت في عام 2003م.