نظرية القطيع لهاملتون
تبنى العالم البريطاني الشهير هاملتون نظرية القطيع أو سلوك القطيع، وكان هاملتون عالم البيئة وبيولوجيا وعالم اجتماع صاغ نظرية القطيع الشهيرة، وهذه النظرية مناقضة تمامًا لما وضع من نظريات للعالم سلوك جالتون عام 1871م، والعالم ويليامز 1964م، حيث قالا أن كُل حيوان يبحث عن فرصة بقائه بشكل مُفترس عن طريق افتراس حيوان آخر.
لخص هاملتون بعض الأدلة لحدوث اختيار جماعي يقوم به الأفراد سويةً بالبقاء بالقرب من بعضهم البعض للابتعاد عن الخطر مهما كان نوعه والنجاة، كما أدخل هاملتون في هذه النظرية علوم الرياضيات والفيزياء، وأوضَّح بنموذج أن الاحتمالات الهندسية تتداخل مع هذه النظرية، وتم تقديم بيانات تجريبية جُمعت من مخططات الأرقام العشوائية للتجارب والأبحاث.
نص النظرية
تنُص نظرية القطيع على " تقليل خطر الافتراس على الفرد في حال وضع فرد آخر بينه وبين المفترس، عندما يتصرف العديد من أفراد الجماعة أكانت حيوانية أو إنسانية بهذه الطريقة وتتولد غريزة؛ فإن التجمع والتحول لقطيع هو النتيجة الحتمية، ولأن الخطر أقل عند المركز وأكبر عند الحافة، فإن الأفراد ذوي المكانة الاجتماعية العالية سيميلون إلى احتلال المركز، ويدفع بالأفراد التابعين إلى الحافة."
صاغ هاملتون نظرية إضافية شهيرة مُرتبطة بنظرية القطيع وهي نظرية الإيثار، وكانت هذه النظرية تدعم فكرة أن الانتقاء الطبيعي يُفضِّل النجاح الجيني، بدلاً من النجاح الإنجابي نفسه، وبأنَّ ذوي المكانة العليا يميلون للذهاب للمركز بدل الحافة غريزيًا لمحاولة حماية نفسهم.
وضَّح هاملتون أنَّه يمكن للأفراد إدراك أنَّه يمكنهم نقل نُسخ من جيناتهم إلى الأبناء من خلال النسب المباشر، وكذلك بصورة غير مباشرة من خلال السلوك الإيثاري، ومن خلال المساعدة في ولادة الأقارب ليستفيد الأفراد الحاكمون على حساب الأشخاص الذين يقومون بالعمل، وهذا ما يُسمى بالإيثار الإنجابي.
حددَّ هاملتون قاعدة تشرح شروط تطور الإيثار الإنجابي وهي: (r × B> ℂ)، يرمز (B) للفائدة التي يجنيها المستفيد من الإيثار (بعدد متساوٍ من النسل)، كذلك هي الجهد الذي يتكبده المانح في أداء فعل الإيثار (بعدد متساوٍ من النسل)، بينما يرمز (r ) للارتباط الجيني المرتبط بين المستفيد والمانح، ويقصد بالارتباط احتمال أن يشارك مُستفيد سلوك إيثاري جينات السلوك الإيثاري من المانح.
يتطور هذا الإيثار بين سكان مجموعة ما إذا كان بإمكان المانحين المحتملين تعويض النسل المفقود عن طريق إضافة ذرية تحمل جزءًا صغيرًا من جيناتها إلى المجموعة المُستفيدة، وفي قاعدته كان يُقصد بالرمز (ℂ) ما يُقارب ربع النسل، أي أنّ حاصل ضرب الرمزين السابقين من المُحتم أن يكون أكبر من ربع القطيع حتى تنجح عملية الإيثار.
يُعدُّ الإنجليزي ويليام دونالد هاملتون أحد أشهر علماء الأحياء الرائدين في عصرنا، فقد درس السلوك البشري من خلال التفاعل الجيني وأوجد نظرية القطيع الشهيرة، ووسعت مفهوماته للسلوك الجيني مدارك العلماء الآخرين من خلال ربط التفاعلات ما بين الجينات والجينوم البشري، وأوجد الكثير من الأفكار الحالية المُرتبطة بصراع الجينات والتي تخص المرض والتطور البشري.
اهتم هاملتون منذ صغره بالتاريخ الجيني للكائنات، وبسبب شغفه هذا درس تخصص علم الوراثة في جامعة كامبريدج، ثم درس علوم الوراثة في كلية لندن الجامعية، وبعد إنهاء دراسته عمل كمُحاضر في كلية إمبريال، وكأستاذ في جامعة ميتشيغان ومُشرف على متحف علم الحيوان التابع للجامعة، ومنذ عام 1984م عمل كأستاذ أبحاث في الجمعية الملكية البريطانية ومقرها في جامعة أكسفورد.
تمحورت أعماله الأولى حول تشكيل المجموعات الاجتماعية للحشرات، وفي تطوير جيناتها، ومراحل شيخوختها وموتها، ومعرفته الكبيرة في الحيوانات والنبات أفاده كثيرًا في أعماله التالية التي دارت حول التكاثر، وخصص وقتًا كبيرًا لهذه الدراسات كغيره من مناصري نظرية التطور المهووسين في نظريات التكاثر وتفسيرها.
طور واختبر هاملتون بمساعدة مارلين زوك طالبة الدراسات العليا فرضيات عديدة، وبحلول سبعينيات القرن الماضي أخذت شهرة هاميلتون بالتزايد كعالم أحياء مُتميز، وفي أوائل الثمانينات حصل على مجموعة كبيرة من الأوسمة والتكريمات بسبب أبحاثه المُتعلقة بالطب ووظائف الأعضاء البشرية والحيوانية.
درس هاميلتون تأثير الشمبانزي على اختبار لقاح شلل الأطفال، ووضع نظريته التي خالفها الكثير المُتهمة صانعي اللقاح بتداخل سلالات جينية للشمبانزي تم على أثرها صناعة اللقاح، وعلى أثر رحلاته الطويلة لإثبات نظريته أُصيب بالملاريا في جمهورية الكونغو الديموقراطية، وبعد نقله للندن أُصيب بمُضاعفات خطيرة توفي على أثرها، تاركًا إرثًا كبيرًا عن تشكل الجينوم ونظريات سلوك الكائنات الحية.