الغزو الفكري للشباب
الغزو الفكري للشباب هو مصطلح حديث يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على شباب أمة أخرى أو التأثير عليهم حتى يتجهوا وجهة معينة أو تبني رأي ما، وكما عنى بالسابق الاستعمار والهيمنة السياسة على منطقة معينة قاصدة الشباب بالتحديد، ورغم كونه أقل علنية الآن ولكنه أصبح أوسع انتشارًا مع ظاهرة العولمة.
يمكن للغزو الفكري أن يكون عن طريق التجارة أو الصناعة أو التعليم أو الإعلام وغيرها من الطرق، وغالبًا ما تقع فريسته البلدان النامية لاحتياجها للمساعدات الخارجية فيقوم المانح بالاستعمار الثقافي أو الغزو الفكري لهذه الدولة، فالدول القوية بشكل عام أكثر مصداقية من الضعيفة ولن يحتمل منهم أن يكونوا غازين فكريًا طالما أنهم ينكرون ذلك.
ومن أهم الأمثلة على ذلك، لو كانت هناك مجموعة قبائل أصيلة في منطقة ووصل إليهم التطور الحضري فستفقد القبيلة القدرة على التكيف فستقوم بالتحول لشعب معتمد على الدولة ويتحلى بطباع وصفات وعادات الحضر ناسيًا أفكاره وثقافته للتكيف بينهم، ولكون الشباب هم الأكثر تأثرًا من غيرهم من الأعمار فسيسهل استغلالهم والتأثير فيهم من خلال القوة المفروضة عليهم لا عسكريًا بل بالتركيز على الحاجات لديهم ومحاولتهم للانسجام، وهنا يخسر الشباب هويتهم وبذا يفقد جيل كامل التنوع الفكري والثقافي.
والجدير بالذكر أنه رغم كون الغزو الفكري مصطلح شديد إلا أن الكثير يرونه مهمًا لتطور أي حضارة من خلال الانفتاح وتبادل المعلومات والخبرات والقيم الأخلاقية والمجتمعية وتحقيق مجتمعٍ سامٍ كاملٍ أفلاطوني بعض الشيء، ولذا رغم كافة المعارك على هذه الظاهرة إلا أن العديد من الناس يرونه ملائمًا للمستقبل.
أثبتت الدراسات أن أهم وسيلة لتغيير أي فكرة هي عن طريق التعرف على أفكار أكثر حداثة وانتشرًا عن فئة أفضل من أخرى بعدة مجالات، ولكون ذلك غير شائعٍ سابقًا لقلة الاختلاط العالمي بين الناس فلم يكن له الأثر الكبير، بينما في الوقت الحاضر ومع التطور التقني وانتشار الإعلام ووسائله ومنصاته كان من الأسهل تغيير أي ثقافة أو فكر لو وجهت بالطريقة المناسبة.
حيث ذكر في آخر إحصائية أن نسبة مستخدمي الإنترنت من الشباب قد بلغت 71% من إجمالي مستخدميه في العالم، وكانت النسبة تتكون من الشباب من عمر 15 - 24 عامًا، كما أثبتت هذه الإحصائية أن الشباب أكثر احتمالية 1.24 مرة بالتواصل بالإنترنت من بقية الفئات العمرية، كما ذكر في دراسة أخرى بينت أن أكثر من 63% من الشباب يستخدمون الإنترنت بشكل يومي، وبينت أنهم بعمر خطير وحساس لما لهذه الفترة العمرية من دور في بناء العقل لديهم وتطويره.
هناك العديد من المخاطر التي قد تنطوي على الغزو الفكري للشباب، أهمها ما يأتي:
- ظهور ثقافة جديدة تطمس الثقافة السابقة.
- ظهور مجتمع خالٍ من التنوع الثقافي.
- الإحساس بالضعف أمام قوة الغازي الثقافية.
- ظهور فجوة ثقافية بين المجتمع نفسه بين أبناء الجيل.
- سرقة التراث الوطني للدول بإقناع المجتمع بأنها لا توائمه.
- ظهور قوة عظمة في العالم دون الحاجة لقوة عسكرية حقيقية.
هناك العديد من الطرق لمحاربة الغزو الفكري للشباب، ومنها ما يأتي:
- الحصول على استدامة ذاتية في الدولة نفسها والعالم.
- تقوية المؤسسات الوطنية والإعلامية لتعزيز الانتماء الفكري والثقافي.
- تعزيز الانفتاح الثقافي والفكري في الدولة لضمان عدم تخلف الشباب عن تطور العالم بانطوائهم على ذواتهم.
- التأكيد على أهمية الأسرة في حفظ المجتمع لأنها الوحدة البنائية للشباب.
- تعزيز المنهجيات الفكرية كالشك مثلًا للحفاظ على فكرٍ منفتح خاضعٍ للضوابط.