اضطراب الوسواس القهري : كيف يحدث الوسواس القهري
يشمل اضطراب الوسواس القهري التفكير الاستحواذي و الأفعال القهرية. التفكير الاستحواذي هو عبارة عن "أفكار، أو اندفاعات، أو صور ذهنية" متكررة ومستمرة يتم اختبارها بشكل ملحّ واقتحامي ومسبب للقلق. واستجابةً لهذه الاستحواذات الفكرية قد يقوم الإنسان بسلوكيات قهرية أو أفعال عقلية بهدف تقليل القلق الناتج عن تلك الاستحواذات.
عادة ما تستهلك هذه الاستحواذات والأفعال الكثير من الوقت (أكثر من ساعة يوميا)، وتسبب تعطيلاً واضحاً للتواصل الاجتماعي أو الإنجاز العملي.
فكيف يحدث الوسواس القهري وما هي الافكار الاستحواذية والسلوكيات القهرية المرتبطة بها وكيف تدور الاحداث لشخص مصاب باضطراب الوسواس القهري؟ هذا ما سنجيب عنه في هذا المقال.
كيف يحدث الوسواس القهري؟
تعود جذور الميول الوسواسية في شخصية الإنسان إلى محاولته الوصول إلى الكمال، كيف ذلك؟
يشعر هذا الإنسان – بسبب ظروف تنشئته الأولى وتجاربه الحياتية السابقة – بالدونية والنقص، فيحاول التعويض عنهما بسلوكيات وسواسية تعويضية لترفع قدره وتجلب له التقبل والحب من الآخرين، لكنه في الحقيقة لن يصل أبدا إلى درجة ترضيه من الكمال المنشود – لأن الإنسان ببساطة خطاء غير كامل – وبذلك لن يتوقف الشخص الساعي للكمال عن سلوكياته تلك وسيظل يلهث نحو السراب، مستهلكاً طاقته ووقته ومعطلاً أداءه في الكثير من الجوانب.
يرافق ذلك كله شعور بالقلق من أنه لن يصل إلى مبتغاه أو أنه لا يقوم بما عليه فعله بالشكل والكيفية المناسبتين. جدير بالذكر أن هذا القلق المصاحب للوسواس القهري هو صورة مبالغ فيها عن الشعور بالقلق الموجود عند كل إنسان بشكل فطري متناسب مع الأخطار والتهديدات المحتملة ليحميه منها وينبهه إليها.
من صور الكمال المنشود لدى المصابين باضطراب الوسواس القهري، محاولة السيطرة التامة والتحكم الكامل بالأفكار الاستحواذية المزعجة التي تطرأ على ذهنه، ولكن هذا يستحيل تحقيقه! وكلما سعى بشكل حثيث للسيطرة على هذه الأفكار تفاقم قلقه واشتدت الأفكار المزعجة.
ندرج تالياً بعض الأمثلة على الأفكار الاستحواذية والسلوكيات القهرية المرتبطة بها:
أفكار استحواذية والسلوكيات القهرية المرتبطة بها:
- الفكرة الاستحواذية: الخوف من التلوث
- السلوك القهري: غسل اليدين والتنظيف بشكل مبالغ به
- الفكرة الاستحواذية: الحاجة إلى التماثل
- السلوك القهري: الترتيب والتنظيم بشكل دقيق
- الفكرة الاستحواذية: صور ذهنية عدوانية أو جنسية أو أفكار سلبية حول ما هو مقدس
- السلوك القهري: المبالغة بالطقوس الدينية، أفعال معاكسة للفكرة، وطلب الاطمئنان تجنب مثيرات هذه الصور والأفكار
- الفكرة الاستحواذية: الشعور بعدم الأمان (أنبوبة الغاز, أقفال الأبواب)
- السلوك القهري: التحقق، سلوكيات تفقدية متكررة
- الفكرة الاستحواذية: مخاوف بشأن خسارة شيء ذي قيمة
- السلوك القهري: ادخار مبالغ فيه، تكديس
تفكر بهدوء ورويّة في ذاتك، سجل الأفكار الاستحواذية الخاصة بك وأية أفعال قهرية تقوم بها حتى وإن كانت تبدو غير متعلقة بتلك الأفكار. سجل بجانب كل منها معدل حدوثها يوميا.
اقرأ ايضا كيف تعرف انك مصاب بالوسواس القهري؟
كيف تدور الأحداث لشخص مصاب باضطراب الوسواس القهري؟
لكي تفهم أكثر كيف تدور الأحداث لدى المصاب باضطراب الوسواس القهري، دعنا نطلع على المثال التالي:
حجرة ورقة مقص مدبلج الحلقة 56
إن كنت تعتقد بأن أي تلوث بسيط قد يهدد صحتك، فإنَّ حدثا مثيرا كاستخدامك للحمامات العامة كفيلٌ بتحفيز فكرة استحواذية مثل "لقد أصبت بالإيدز" وجعلها تسيطر عليك، فيزيد القلق لديك بشكل كبير، ولتخفف من هذا القلق فإنك لن تقوم بإهمال هذه الفكرة الاستحواذية المتطرفة بل ستقوم بزيارة الأطباء وإجراء فحوصات غير لازمة بشكل مبالغ فيه، مما يؤدي إلى تخفيف قلقك مؤقتا، لكن ذلك يجعلك أضعف أمام تلك الأفكار على المدى البعيد، فما إن تقابل حدثا مثيرا آخر حتى تكرر نفس السلوكيات القهرية وبشكل أعنف.
حسنا، كيف تستطيع أن تساعد نفسك إن اتضح أنك مصاب بأحد أنواع الوسواس القهري؟
كيف اتغلب على الوسواس القهري؟
كيف اتخلص من الافكار المزعجة؟
- حاول أن تتجاهلها وتهملها! تخيل بأن تلك الأفكار كضوضاء في خلفية مشهد عام، لا تدعها تحتل حيزا كبيرا من المشهد الكلي وتنسيك الأحداث الهامة فيه.
- تخيل هذه الأفكار كأقوال طفل متنمر عليك، لا تعرها اهتماما فإن إهمالها سيجعل هذ الطفل ينفك عنك.
- أشغل نفسك بشيء مسلٍّ ومفيد كي تشتت التركيز عنها.
- يمكنك القيام ببعض التمارين الرياضية كالتسلق أو اللعب ضمن فريق أو أي نشاط يلزمه إشغال عقلك وجسمك معا، لكن الركض والمشي وحيدا مثلا لن يفيداك كثيرا لأنهما يتيحان وقتا ومساحة ذهنية للتفكير في أفكارك الاستحواذية مرة أخرى.
- استمع لموسيقاك المفضلة أو اصدح بأغنيتك المميزة، بإمكانك الرقص كذلك!
- اتصل بصديقك وتحدث معه في أي موضوع إلا موضوع فكرتك الاستحواذية!
كيف تتاكد من مدى صحة الافكار الاستحواذية (المزعجة)؟
- قم بتجميع أدلة واقعية على الضرر أو الخطر الناتج عن فكرتك.
- اختر فكرة مزعجة وقيّم أهميتها المتصورة والضيق المتشكل لديك، كرر هذا التمرين لكن في كل مرة ضخّم أهمية الفكرة وقيّم أهميتها والضيق المتعلق بها مجددا ولاحظ النتائج.
- اختر عددا من المهام الرئيسية في البيت أو العمل ولتكن مرتبطة بالكمال والمثالية، بعد إكمال هذه المهام قيّم مستوى المثالية والجهد المبذول والقلق المرتبطين بكل مهمة، ثم اسأل نفسك كم من الوقت والجهد الإضافيين يلزمان لزيادة درجة المثالية، وتساءل عن ماهية التكاليف وكذلك الفوائد لتحقيق مثالية إضافية للمهمة، وإن كان تحقيقها يستحق ذاك الكمّ من القلق.
- اختر بعض المهام التي تنطوي على الأفعال القهرية، نفّذ تلك المهام وتعمّد إحداث بعض العيوب الطفيفة ولا تلتزم بالدقة بشكل كامل. ثم سجل نتائج الأداء المعيب.
أخيرا، عليك أن لا تنسى أن الهدف من العلاج هو ليس التخلص تماما من الأفكار الاستحواذية والسلوكيات القهرية، بل تقليلها إلى الحد الذي يمكنك فيه الإنجاز على مستويات حياتك المختلفة، وجعل طريقة تفاعلك مع محيطك أكثر سلاسة. ولكن في حال أنك حاولت اتباع هذه النصائح ولم تنجح في تقليل أثر الاضطراب عليك، عليك التوجه إلى أخصائي في الطب النفسي ليصف لك بعض الأدوية التي ستساعدك – بالإضافة إلى النصائح المذكورة – في إعادة السيطرة على مساحات حياتك التي تتأثر بالاضطراب.
تذكر أنه بإمكانك أن تتحدى نفسك وتجعل قلقك الوسواسي سلماً ترقى عبره إلى مزيد من النجاحات والإنجازات، لكن عليك أن تتسلح بالمرونة والمثابرة اللازمتين، مع تمنياتنا لك بالتوفيق في مشوار التعافي من الوسواس القهري.
للتعرف أكثر على موضوع الوسواس القهري حمل تطبيق الصحة النفسية من حاكيني على الجوجل بلاي والاب ستور، وقم بتسجيل في موقع حاكيني للحصول على معلومات قيمة وأدوات عملية لتعزيز صحتك النفسية.