-

التشخيص النفسي : معايير ومراحل التشخيص في علم

(اخر تعديل 2024-09-09 08:09:33 )
بواسطة

يوجد اعتقاد راسخ لدى الغالبية بأن "المريض النفسي" هو شخص يقوم بتصرفات ويتفوه بكلام لا يمت للمنطق أو الواقع بصلة لذلك تكون أفعاله بالنسبة لنا غريبة. لكن في حقيقة الأمر، هذا كله مجرد تصورات نسقطها نحن على المرضى النفسيين ما يجعلنا نراهم بهذه الطريقة رغم أنهم لا يختلفون عمن يعاني من أمراض جسدية بشيء، من حيث كيف يتصرفون وكيف يتحدثون.

لذلك لا يجدر بنا أن نعاملهم كعامل خطر أو أن نشعرهم بأن لدينا تخوف من التعامل معهم، حتى في داخلنا لا يجب أن نشعر بالخطر أو أننا معرضون له لمجرد أننا نتحدث مع شخص يعاني من مرض نفسي. وعليه وحتى لا نسمح لتصوراتنا أن تحكم على غيرنا بالانعزال لمجرد أنه يعاني من مرض نفسي، نستعرض في هذا المقال معايير ومراحل التشخيص في علم النفس ما يساعدنا كمجتمع على احتواء المرضى النفسيين ويمكنا من فهم كيفية التعامل معهم.

كيف نحدد الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية؟

حتى نتمكن من التعامل مع المرضى النفسيين هذا يتطلب بالضرورة أن نعرف من هم وأن يكون لدينا القدرة على تحديدهم بشكل مجتمعي وذلك يتم بالخطوات التالية:

  • إجراء عملية مسح شاملة لنتمكن من تحديد الأشخاص الذين قد يعانون اضطرابا نفسيا.
  • أخذ الوقت الكافي لتحديد ومعرفة المشكلة وبدء العلاج.
  • يمكننا إجراء عملية المسح الشامل في عيادة مكتظة.
  • مراقبة المرضى استنادا لمؤشرات عيادية نفسية نموذجية تخص تشخيص المرضى النفسيين، في الوقت الذي نلحظ فيه توافر هذه المؤشرات لدى الشخص ينبغي أن نشك من أنه يعاني اضطرابا نفسيا.
  • طرح مجموعة من الأسئلة التي تساعدنا في التعرف إلى النوعين اللذين يعدوا من الأكثر شيوعا في الاضطرابات النفسية، وهما الاضطرابات النفسية العادية وإدمان الكحول. وإذا كان الرد إيجابا على أحد هذه الأسئلة، علينا أن نطرح المزيد من الأسئلة عن الموضوع.
  • بعد أن بات لدينا القدرة على تحديد من هم الأشخاص الذين يعانون من مرض نفسي، يجب أن تتوافر لدينا القدرة على معاينتهم دون خوف منهم بالأخص إن كان من سيقوم بالمعاينة شخص غير متخصص ولكن لديه من المعلومات والمهارات الأساسية ما يكفي لتحقيق ذلك.
    ثلاث اخوات 4 مدبلج الحلقة 253

    على اعتبار أن الفحص النفسي لا يتطلب التخصص فيه بقدر ما يتطلب من عاطفة تمكن من سيقوم بعملية التشخيص النفسي من فهم واحتواء المريض، وقدرة كبيرة على الإصغاء.

    وهذا يدفعنا لطرح التساؤل الاتي:

    ما هو دور الأخصائي النفسي أثناء عملية التشخيص النفسي؟

    هناك الكثير من المشاعر التي تجتاح الأخصائي النفسي أثناء عملية التشخيص النفسي، ويكمن دور الأخصائي النفسي في كيفية التعامل مع هذه المشاعر. فعليه أن:

  • ألا يخاف من أن يعتدى عليه من قبل المريض.
  • عدم إظهار أي قرف أو اشمئزاز حيال المريض، نظرا لقلة النظافة الشخصية عند بعض المرضى النفسيين.
  • الابتعاد عن التوتر لأن المقابلة قد تستغرق وقتا أطول من التشخيص.
  • كبح أي شعور بالرغبة في الضحك أمام ما يبديه المريض من تصرفات غريبة.
  • محاولة الابتعاد عن الغضب في حال اتضح للأخصائي أن الشخص لا يعاني من أي اضطرابات نفسية وجاء بداعي مضيعة وقته.
  • صحيح أنه سيكون من الصعب على الأخصائي النفسي أثناء مرحلة التشخيص النفسي الالتزام بهذه الخطوات، ولكن عليه أن يدرك أنه سيكون من الصعب عليه تقديم أي رعاية أو مساعدة نفسية إن سمح لهذه التصرفات والمشاعر أن تسيطر عليه.

    وهذا كله لن يؤثر على الأخصائي بقدر تأثيره على المريض النفسي الذي سيشعر بعدم الارتياح والأمان، ولن يعبر عما تجتاحه من مشاعر إن لم يلتزم الأخصائي النفسي بالخطوات السابقة. على كل أخصائي أثناء مرحلة التشخيص النفسي أن يتذكر أهمية احترام المريض النفسي وإظهار التعاطف معه وإعطاءهم الوقت الكافي للتعبير.

    نعرض لكم ذلك من خلال السؤال التالي:

    ما يجب أن يتذكره الأخصائي عند فحص شخص يعاني اضطرابا نفسياً؟

  • أن يخصص الوقت الكافي للتحدث إلى المريض النفسي وأن يكون لديه درجة عالية القدرة من الإصغاء إليه بصبر.
  • أن يدرك بأن معظم المرضى النفسيين قادرين على إعطاء توصيف واضح لما يعانونه، وأهمية دور الأقرباء في إعطاء معلومات هامة.
  • أهمية المقابلة للفحص والتي تعد الخطوة الأولى في معالجة المريض.
  • يمكن الاعتماد على طرح الأسئلة عند تشخيص بعض او العديد من مشكلات الصحة النفسية الشائعة.
  • عدم التغاضي عن الشكاوى الجسدية فقط لمجرد أن الشخص متعب نفسيا، لأنه قد يعاني المريض النفسي أمراضا جسدية قد تساعدك على التشخيص بشكل أفضل حول مرضه النفسي.
  • ما هي المؤشرات العيادية الدالة على وجود اضطراب نفسي؟

    هناك بعض المؤشرات التي يمكن للطبيب أن يستدل من خلالها أثناء مقابلة المريض أو المقربون منه بأنه يعاني من اضطراب نفسي مثلا:

  • عندما يقول الشخص أو أقاربه بشكل مباشر وصريح من وجود اضطراب نفسي.
  • عندما يتحدث الشخص أو أقاربه حول تصرفات يقوم بها لا أساس لها من المنطق.
  • وجود أسباب مباشرة للاضطرابات النفسية ناتجة عن شرب الكحول أو العنف المنزلي.
  • معاناة الشخص من مشاكل سببها مرتبط بالعلاقات أو بالأمور الحياتية مثل: البطالة، المشكلات الزوجية أو الجنسية.
  • عندما يشكو المريض عدة آلام جسدية (أكثر من ثلاثة)، لا تندرج في إطار مرض جسدي واحد معروف.
  • إذا كان يوجد لدى الشخص أو عائلته وراثيا أمراض نفسية سابقة.
  • ما هي الأعراض التي تساعد في تشخيص بعض الاضطرابات النفسية؟

    مثلا إذا كان الشخص يشكو من واحدة على الأقل من الأعراض الآتية لفترة لا تقل عن أسبوعين هذا يعني أنه غالبا ما يعاني من القلق أو الاكتئاب.

    • شعوره بالحزن، التوتر، العصبية، والقلق.
    • فقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية.
    • معاناته من اضطراب النوم.
    • زيادة أو فقدان الشهية.
    • قلة التركيز.
    • التفكير في الانتحار.
    • تسارع نبضات القلب، والرجفة، والدوار.
    • الشعور بالألم والأوجاع في كل أنحاء الجسم.

    من المهم ألا نسعى للحصول على هذه المعطيات بإتباع أسلوب التحقيق والاستجواب أو الإلحاح لأن ذلك من شأنه أن يحمل المريض فوق طاقته. كما لا يجوز أن نتسرع في نصحه ما يمثله ذلك من ضغط على المريض.

    أهم ما يجب إدراكه في مرحلة التشخيص النفسي هو أهمية الوقتالذي نخصصه لمعرفة سبب لجوء المريض لتلقيه الاستشارة أو العلاج النفسي، لأن من شأن ذلك أن يوفر الكثير من الجهود فيما بعد خلال مرحلة العلاج.

    بالإضافة لذلك يجب علينا أن ندرك بأن هناك الكثير من العيادات النفسية خلال مرحلة التشخيص النفسي ينظرون للمريض بمعزل عن البيئة التي نشأ بها وما ترتبه من ضغوطات، إذ يكتفون بسماع أقوال المريض ليباشروا فيما بعد بإعطاء الأدوية وما يتبعه من وصف للمسكنات والحبوب المنومة، وهذا ما يعني العمل على علاج أعراض الاضطراب دون علاج المشكلة التي سببته ما يدفع المريض للغرق في دوامة العلاج الغير مجدي مما يعني احتياجهم لوقت أطول للعلاج.

    لذلك نؤكد مرة أخرى على ما ذكرناه انفا بأن اتخاذك كمعالج نفسي وقت طويل خلال مرحلة التشخيص النفسي لسبب الاضطراب مما يعني الوصول للمشكلة الفعلية، هذا سيحقق نتائج حقيقية في خطة العلاج على المدى البعيد بدلا من أن يبقى المريض عالقا في خطة علاجية لا تناسبه.

    وحتى يحقق التشخيص النفسي أفضل النتائج عليك كمعالج أن تعرف طبيعة الأسئلة التي عليك طرحها لتتمكن من التعرف على نوع الاضطراب النفسي الذي يعاني منه المريض، عليك أن تعرف بأن اختيارها وتحضيرها لن يستغرق الكثير من الوقت ولكنه سيوفر عليك وعلى المريض الكثير الكثير من الوقت خلال العلاج.