-

بحث عن الزيادة السكانية والأمن الغذائي

(اخر تعديل 2024-09-09 08:09:33 )
بواسطة

الزيادة السكانية هو مصطلح ديموغرافي يُشير إلى عجز كوكب الأرض عن تجديد كلّ ما يحتاجه السكان من موارد سنويًا، بمعنى آخر تخطي أعداد السكان في الوقت الآني قدرة الأرض على استيعابهم، وتُصنّف الزيادة السكانية على أنّها ظاهرة غير مرغوب بها، ويترتّب عليها تحوّل الكثافة السكانية في منطقة ما من منخفضة إلى مكتظة، ووِفقاً للخبراء بدأت الزيادة السكانية في عام 1970م؛ لتتسع بعدها رقعة الضرر عامًا تلو الآخر.


أسباب الزيادة السكانية

تتعدّد أسباب الزيادة السكانية، ومن أبرزها ما يأتي:

  • تدني معدلات الوفيات: تحدث الزيادة السكانية عندما تتسع الفجوة بين أعداد المواليد والوفيات في العام نفسه؛ ذلك أنّ تساوي أعداد المواليد مع أعداد الوفيات يُحقق استقرارًا في التعداد السكاني، لكن تتفاوت العوامل المؤثرة في تلك الأعداد من فترة إلى أخرى وهو ما يسبب زيادةً في عدد السكان.
  • الخدمات الطبية المتقدمة: تُعدّ الخدمات الطبية المتقدمة أحد أبرز الآثار الإيجابية للتقدم التكنولوجي والثورة الصناعية معًا، إذ ساهم اكتشاف سبل علاج غير مسبوقة للأمراض المميتة والأوبئة في الحد من الوفيات، إضافةً إلى إيجاد اللقاحات التي قلّلت من انتشار الأمراض.
  • عمالة الأطفال: يُعدّ تشغيل الأطفال بالنسبة لبعض الأسر الفقيرة بمثابة فرصة لزيادة دخلها المحدود، فقد أكدت منظمة اليونيسف على وجود نحو 150 مليون طفل عامل حول العالم في دول تفتقر للقوانين الصارمة في هذا السياق، وهو الأمر الذي يمنع تلك الأسر من تنظيم النسل.
  • علاج مشاكل الخصوبة: ساعد التطور التكنولوجي على علاج معظم مشاكل الخصوبة، فأصبح بإمكان الأزواج العاجزين عن الإنجاب طبيعيًا الإنجاب في مراكز الخصوبة، والتي وفّرت بدورها الأدوية والعلاجات الطبية التي زادت من فرص الحمل والإنجاب، ممّا أدّى إلى زيادة معدلات المواليد سنويًا.
  • الهجرة: أصبحت الهجرة والترحال إلى الدول المتقدمة شغفًا يُلازم الكثير من الناس، وتحديدًا إلى أستراليا، وكندا، وبريطانيا وأمريكا، ونتج عن ذلك زيادة أعداد السكان المستقرة هناك بشكل ملحوظ، ممّا ترتّب عليه نقص في الموارد إثر ازدياد الطلب على أساسيات الحياة المختلفة.
  • غياب تنظيم الأسرة: يغيب مفهوم تنظيم الأسرة عن بعض المجتمعات، ممّا يُؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد سكانها، حيث تُشير التقديرات أنّ نحو 44 % من مجمل حالات الحمل كانت غير مقصودة على مستوى العالم بين العامين 2010-2014م.


يُعرّف الأمن الغذائي (بالإنجليزية: Food Security) بأنّه تمكّن جميع سكان منطقة ما من الحصول على الغذاء الكافي على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي وفي أيّ وقت، وذلك تِبعًا لما أشارت إليه لجنة الأمن الغذائي العالمي المنبثقة عن الأمم المتحدة، إذ يجب أن يكون الإنسان قادراً على اقتناء غذاء يلبي ويسد احتياجاته الغذائية؛ ممّا يُساعده على عيش حياة صحية وطبيعية.


يُشار إلى أنّ هذا المفهوم سيختفي في المستقبل بسبب تأثير الزيادة السكانية، والتغيّرات المتوقع حدوثها على المناخ، والتي تؤدي بدورها إلى ارتفاع أسعار الغذاء، الأمر الذي يجب مواجهته عن طريق رسم أبعاد استراتيجية واضحة المعالم للاستجابة لهذه التغيّرات العالمية.


توصف العلاقة بين الأمن الغذائي والزيادة السكانية بأنّها عكسية، إذ تزداد معدلات طلب الحصول على الغذاء بالتزامن مع ازدياد أعداد السكان، وبالتالي تقلّ فرصة تحقيق الأمن الغذائي، كما يتضمّن ذلك استغلالاً كبيراً للأراضي الصالحة للزراعة، واستنزاف موارد المياه المحدودة، ويُشار إلى أنّه في حال غياب التكنولوجيا الملائمة لإنتاج كميات مناسبة من الغذاء أو رسم برامج مثالية لتلبية متطلّبات المجتمع من الغذاء فإنّ سكان الأرض سيكونون في مشكلة يصعب حلّها.


تُشير الدراسات إلى أنّ شخصاً واحداً من بين 7 أشخاص يُعاني من الجوع الشديد في هذا العالم، وبالرغم من وفرة كمٍّ لا بأس به من الغذاء لكافّة سكان العالم، إلّا أنّ توزيعها وطريقة الاستفادة منها غير مناسبة وغير عادلة.


يظهر أثر الزيادة السكانية على الأمن الغذائي بشكل ملحوظ في عدة مجالات، ومن أبرزها ما يأتي:

  • انهيار منظومة الأمن الغذائي كاملة، والتي سينتج عنها عدم توفر غذاء كافٍ لجميع السكان وفي كل الأوقات.
  • ظهور مشكلات صحية ملموسة، مثل: مشكلة نقص الوزن عند الأطفال، حيث تُشير الإحصائيات التي أجريت في عام 2014م إلى أنّ مشكلة نقص الوزن لدى الأطفال تتراوح في مناطق جنوب أفريقيا ما بين 22-27% وذلك من إجمالي أعداد الأطفال.
  • ارتفاع أسعار الغذاء بشكل غير مسبوق، الأمر الذي سيجعل الطبقة الفقيرة التي تُنفق حاليًا ما نسبته 60-80 % من دخلها على الغذاء غير قادرة على توفيره بعد الآن.
  • انخفاض الاحتياط الغذائي على مستوى العالم، حيث إنّ البشر لم ينتجوا غذاءً بالقدر الذي يستهلكونه، الأمر الذي أدى إلى بلوغ الاحتياطات مستويات منخفضة للغاية، وهو الذي يُؤثّر بدوره في الطبقة الفقيرة على مستوى العالم.
  • ارتفاع الطلب على الغذاء وما يُصاحبه من استنزاف المزيد من الأراضي ومياه الري ليس لتحسين مستوى الأمن الغذائي، ولكن فقط لمجاراة الطلب المتزايد على المنتجات الغذائية.


ترتبط الزيادة السكانية والأمن الغذائي بعلاقة عكسية، لذا يظهر أثر كلّ منهما على الآخر؛ فكلّما ارتفع منحنى الزيادة السكانية قلّ الأمن الغذائي، إلا أنّه يُمكن التصدي للنتائج السلبية المترتبة على ذلك من خلال اتخاذ التدابير اللازمة من قِبل دول العالم، ويُذكر أنّ منظمات العالم وجّهت نداء إغاثة لتتكاتف الدول معًا للمحافظة على الأمن الغذائي.