-

مراحل نشأة النقود

(اخر تعديل 2024-09-09 08:09:33 )
بواسطة

تُعرف النقود (بالإنجليزية: money)، السيولة النقدية (cash)، الأوراق النقدية (banknote)، العملة (coin)، بأنها وسيلة اقتصادية معترف بها دوليًا كوسيط لتبادل المعاملات والسلع في الاقتصاد، والهدف منها تخفيض التكاليف التجارية.


وتمثل النقود السلعة من خلال تقييم الخبراء في السوق لقيمة السلعة ومن ثم تحديد كم تساوي نقدًا؛ وذلك لتسهيل عمليات التبادل التجاري، ويوجد عدة أشكال للنقود، فإما تكون عطاءات قانونية محددة من قِبَل الأسواق التجارية، أو نقود ورقية، أو على شكل عملات مشفرة إلكترونية، ووسائط ائتمانية.


النقود السلعية

تمثل النقود السلعية (بالإنجليزية: strong>Commodity Money) البضائع المادية التي يتبادلها الأفراد بين بعضهم بعضًا في العمليات التجارية في جميع أنحاء العالم، وتتمثل بعض هذه البضائع المستخدمة على مر العصور في الذهب، والفضة، والنحاس، والملح، والشاي، والتبغ، وبذور القهوة، وغيرها.


وتتميز النقود السلعية عن غيرها من أنواع التبادل التجاري بأنها الوحيدة التي لها قيمة ملموسة أي حقيقية بالرغم من عدم تداول استخدامها مؤخرًا، ويمتد تاريخ نشاة النقود السلعية منذ آلاف السنين؛ إذ يصعب تحديد بدايتها بدقة، لكن بعض الأبحاث والسجلات تشير إلى أنها بدأت بين الفترة 500 و700 قبل الميلاد، في مدينة سومر.


يظهر أيضًا مفهوم المقايضة (بالإنجليزية: barter)، الذي يحقق نفس مبدأ النقود السلعية؛ إذ يستطيع التاجر في حال عدم توفر بضائع مادية لديه، مقايضة ما لديه من أوراق نقدية مقابل البضائع المتوافرة لدى التجار الآخرين مباشرًة، بينما في النقود السلعية يتبادل التجار فيما بينهم البضائع المادية المتداولة في السوق، لذا كلاهما يحققان نفس النتيجة.


استبدال النقود السلعية بالعملات النقدية

يعود تاريخ التجارة إلى العصور القديمة ما قبل التاريخ، إذ كانت الوسيلة الوحيدة التي فكر بها البشر في تبادل السلع والخدمات قبل اختراع المال، وكانت المرة الأولى من قِبَل السومريين المقيمين في بلاد ما بين النهرين في أثناء تبادلهم للسلع مع حضارة هارابان في وادي السند حتى وصلت إلى جميع أنحاء العالم مثل الحضارة اليونانية، وأوروبا، والصين، وتطورت واستمرت حتى وقتنا هذا.


أدى استمرار تطور البشر ودخولهم عالم التجارة وحاجتهم المتزايدة إلى استخدام طرق الدفع بطريقة سهلة إلى ظهور العملات المعدنية؛ لتسهيل العمليات التجارية التي صنعت لأول مرة تقريبًا عام 640 قبل الميلاد في مدينة ليديا غرب تركيا والتي تطل على البحر الأبيض المتوسط، صُنعت العملات النقدية لأول مرة من الإلكتروم (electrum) الموجود في مجاري الأنهار أسفل الجبال البركانية.


ثم انتشرت فكرة العملات المعدنية خلال 25 عامًا من ظهورها، وكانت المحطة الأولى لها في اليونان المجاورة لتركيا، وصنعت العملات المعدنية الحاملة لصورة الإسكندر الأكبر في عام 330 قبل الميلاد بكميات كبيرة حتى وصلت للعديد من البلدان، وكانت هذه أولى مراحل تطور النقود عبر التاريخ.


استخدام العملة الصينية لأول مرة

صُنعت العملة الصينية لأول مرة من الصدف في عهد أسرة شانغ من عام 1675 إلى 1029 قبل الميلاد وتميزت بأنها صغيرة الحجم وذات ألوات متوهجة، وصلبة الملمس، وكان اسم العملة البدائية الأولى المستخدمة في أواخر العصر الحجري الحديث باسم نقود الصدف، (بالإنجليزية: Shell Money).


وأدى نقص الأصداف في المنطقة إلى استخدام مواد أخرى لتصنيع العملات مثل الحجر، والعظام، والفخار، والنحاس، والذهب، ولكن بالرغم من ذلك كان لا يزال الصدف هو الشائع للاستخدام، حتى ظهر استخدام العملات المعدنية المصنوعة من الحديد، والنحاس، والذهب، والفضة، بأشكال ورموز وأوزان مختلفة ثم ظهور النقود الورقية.


سكّ أول قطعة نقود في العالم

يعد التاريخ الدقيق لسك أول قطعة نقود في العالم مجهولًا، لكن يؤكد ظهورها إما في القرن الخامس أو السادس، من قِبَل الليديين، ثم انتشرت سريعًا، وصنعت العملة النقدية الأولى من الإلكتروم وهو خليط من الفضة والذهب. وكان مرسوماً عليها الملك ألياليتس ليديا أحد ملوك الليديين.


وأدى تطور النقود المعدنية إلى تغيير وتطور الرسومات عليها لتعد بذلك رمزًا مخصصًا للبلاد التي تستخدمها، وأصبحت كل دولة تعبر عن نفسها وإنجازاتها وحضاراتها من خلال الرسومات الموجودة على عملاتها الرسمية.


الانتقال إلى النقود الورقية

استُخدمت النقود الورقية (بالإنجليزية: paper money) للمرة الأولى في الصين في عهد الأسرة الحاكمة الصينية تانغ في الفترة ما بين 618 و907 ميلادي، من قِبَل مجموعة من تجار منطقة سيتشوان، استخدمها التجار الأثرياء والمسؤولون الحكوميون كمستندات مصرفية تتيح للفرد إيداع الأموال لدى المسؤولين الماليين في المنطقة مقابل إيصال ورقي يتيح استخدامه الحصول على نفس المبلغ من المال في منطقة أخرى.


وكان ذلك بهدف التسهيل عليهم نظرًا لثقل وصعوبة استعمال النقود المعدنية، فقد كانت مصنوعة من ورق بحجم A4 مطبوع عليه صور عملات معدنية وعلامة تحذير للمزورين أسفل الرسمة، بالإضافة إلى بعض الرسومات والطوابع باللون الأحمر.


إصدار أول عملة ورقية عالميًا

أُصدرت العملات الورقية الحكومية في الصين لأول مرة عام 1023، يعد ماركو بولو أول من عرض فكرة الأوراق النقدية المستخدمة في الصين بعد عودته إلى أوروبا عام 1296، تعرضت هذه الفكرة لشكوك الأوروبيين ولم يتقبلوها في البداية، لكنها راجت لاحقًا كونها أخف وزنًا وعملية للاستخدام اليومي، فاستخدمت كسندات ائتمانية مقابل السلع المراد شراءها.


وكان أول بلد أوروبي يبدأ باستخدامها هو السويد، إذ أصدر بنك Stockholms Banco في السويد أول عملات ورقية نقدية حقيقية عام 1661م في أوروبا، وأصدر بنك يوهان بالمستروش الأوراق النقدية كشهادات إيداع.


ساعدت سهولة حمل العملات الورقية على سرعة تداولها؛ لأنها أخف وزنًا من العملات المعدنية المصنوعة من النحاس، وصُنعت وقتها من البلاستيك لكن على شكل أوراق وهي مشابهة لبعض أوراق الجنيه البريطاني بعد سلسلة من المواد المستخدمة في طباعة الأوراق كالصلصال، ولحاء الخشب، والقماش والجلد سابقًا.


النقود الائتمانية

تُعرف النقود الائتمانية (بالإنجليزية: credit money) بأنها القدرة على أخذ مبلغ من النقود مقابل ضمان على شكل أوراق مثبتة تؤكد استرداد هذا المبلغ مستقبلًا، وهذا النظام يُطبّق عادةً في المصارف، إذ إنها تنشئ الأموال الائتمانية من خلال تأمين القروض المالية للأفراد واستردادها بفوائد أكبر من الاحتياطي المالي للبنك، ومن الأمثلة على النقود الائتمانية سندات أسواق المال وسندات الدين.


يعتقد العلماء والباحثون أن النقود الائتمانية ظهرت قبل العملات المعدنية والورقية، إذ إن البشر خلال العقود القديمة اعتمدوا عملية الدين من خلال أخذ سلعة مقابل سدادها بشكل متفق بين الدائن والمدين بعد فترة من الزمن، ومن الأمثلة عليها جماعة فرسان الهيكل من الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، الذين عرفوا خلال الحروب الصليبية بامتلاكهم للسلع الثمينة والبضائع وإنشاء حسابات خاصة للائتمان.


النقود الإلكترونية

تُعرف النقود الإلكترونية (بالإنجليزية: electronic money) بأنها أموال يمكن استعمالها من خلال شبكة الإنترنت عبر أجهزة الحواسيب ضمن برامج وأنظمة فيها قيم رقمية مسؤولة عن تخزين المعاملات المالية، ويستطيع الفرد إنجاز معاملاته المالية عبرها من خلال استخدام البطاقات الذكية.


وبدأت ظاهرة النقود الإلكترونية عام 1860م من خلال ويسترن يونيون المسؤولة عن التحويل الإلكتروني للأموال، ومن أمثلتها أنظمة حجز الطيران عن بُعد، الحجوزات عن بُعد في محطات القطار عن طريق البطاقات الائتمانية، وربط جميع فروع البنوك في أوروبا من خلال أجهزة الكمبيوتر.


ظهرت النقود بعدة أشكال منذ آلاف السنين لتسهيل وتخفيض الصفقات التجارية، وانقسمت لعدة أشكال تطورت حسب تطور الزمن والتجارة، كما استُخدمت العديد من المواد لتصنيع النقود، مثل: الصدف، والذهب، والفضة، والنحاس، والورق، وتطورت الأساليب النقدية حتى أصبحت إلكترونية، مما سهّل العديد من التعاملات في مختلف الأنشطة وفي جميع أنحاء العالم.