-

تأثير موانع الحمل على الصحة النفسية

(اخر تعديل 2024-09-09 15:49:15 )
بواسطة

مقدمة

في أحد أيام شهر رمضان المبارك، زارتني شابة عزباء في مقتبل العمر، تشكو من آلام شديدة في الرأس وسرعة في الغضب، بالإضافة إلى تدني في المزاج وصعوبات في النوم استمرت لمدة أسبوعين. وبعد إجراء تقييم شامل لحالتها، تبيّن أنها تستخدم حبوب منع الحمل بهدف تأجيل الدورة الشهرية حتى تتمكن من صيام الشهر الكريم بشكل كامل، كما تفعل العديد من النساء في مجتمعنا. في هذا المقال، سنستعرض تأثير العلاجات الهرمونية مثل حبوب منع الحمل، وكذلك العلاجات المرتبطة بالإنجاب التي قد تضطر بعض النساء إلى استخدامها عند تعسر الحمل بشكل طبيعي، على صحتهم النفسية.

هل تسبب حبوب منع الحمل أعراض الاكتئاب؟

  • تشتهر حبوب منع الحمل بأنها قد تؤدي إلى زيادة الوزن، ولكن الأبحاث تشير إلى أن هذا ليس السبب الوحيد الذي يدفع العديد من النساء لاستبدالها بوسائل أخرى لمنع الحمل. وقد أظهرت الدراسات أن كلاً من الاستروجين والبروجسترون، وهما المكونان الرئيسيان في هذه الحبوب، لهما تأثيرات على الدماغ، مما قد يفسر التغيرات المزاجية السلبية أو زيادة أعراض الاكتئاب التي يشتكي منها العديد من النساء اللواتي يتناولن حبوب منع الحمل، دون وجود آلية واضحة تفسر هذا التأثير.
  • في عام 2002، نُشرت مراجعة شاملة لثلاث عشرة دراسة تناولت العلاقة بين الحالة المزاجية واستخدام حبوب منع الحمل. وجد أن 12 من تلك الدراسات أظهرت وجود اختلافات في مزاج النساء اللائي تناولن حبوب منع الحمل بالمقارنة مع النساء اللائي لم يتناولنها. وفي أستراليا، أظهرت دراسة تجريبية شملت 58 امرأة أن مستخدمات حبوب منع الحمل الجدد كان لديهن معدلات اكتئاب أعلى مقارنة بنظيراتهن من غير المستخدمات. كما أجريت دراسة كبيرة في الدنمارك شملت أكثر من مليون امرأة، وأظهرت هذه الدراسة ارتفاعًا في معدلات تشخيص الاكتئاب لأول مرة واستخدام مضادات الاكتئاب بين مستخدمات الأنواع المختلفة من حبوب منع الحمل.

دور الأطباء والعاملين في مجال الصحة

  • نظرًا لوجود روابط واضحة بين الاكتئاب واستخدام بعض وسائل منع الحمل، يتوجب توخي الحذر عند النساء اللاتي لديهن تاريخ شخصي أو عائلي من اضطراب الاكتئاب. يجب على الأطباء مناقشة الصحة النفسية للمرأة بشكل شامل، ومراقبة أي تاريخ سابق لعسر المزاج قبل الحيض أو تغيرات مزاجية مرتبطة باستخدام وسائل منع الحمل.
  • يعد من المهم الانتباه إلى ما تذكره النساء حول العلاقة الزمنية بين بدء استخدام موانع الحمل الهرمونية وتطور اضطرابات المزاج الجديدة أو تفاقم الاضطرابات الموجودة مسبقًا. في مثل هذه الحالات، يعتبر النقاش حول الأنواع المختلفة من موانع الحمل أمرًا حيويًا لضمان الصحة النفسية للمرأة.

الأثر النفسي لتقنيات الإنجاب المساعدة

  • تظهر الأبحاث أن النساء اللواتي يعانين من مشاكل في الإنجاب يحملن عبئًا نفسيًا كبيرًا. قد تؤدي تقنيات الإنجاب المساعدة إلى زيادة الضغوط النفسية لدى النساء اللواتي يخضعن لهذه العلاجات. ويمكن تفسير الآثار السلبية على الصحة النفسية جزئيًا من خلال الضغوط المرتبطة بالرغبة القوية في الأمومة والضغوط الاجتماعية المرتبطة بتأخر الإنجاب، بالإضافة إلى العوامل البيولوجية المرتبطة بمحفزات التبويض ومثبتات الحمل. ومن أكثر الآثار النفسية شيوعًا لتلك العلاجات هي اضطرابات المزاج.
  • قد تحدد التغيرات الهرمونية وانخفاض مستوى هرمون الاستروجين في تقنيات الإخصاب زيادة تعرض النساء للاكتئاب، فضلاً عن تفاقم الأعراض الذهانية وزيادة خطر الانتكاسات المرضية وارتفاع الاحتياجات من جرعات مضادات الذهان للنساء اللواتي سبق لهن المعاناة من مشاكل نفسية.
  • أجريت العديد من الدراسات لتحديد معدلات انتشار الاضطرابات النفسية لدى النساء الخاضعات لعلاجات الإنجاب، وأظهرت النتائج أن نسبة انتشار اضطرابات المزاج تصل إلى 26٪، مع تأكيد أن الاكتئاب الشديد هو التشخيص الأكثر شيوعًا.

ما الذي يمكن تقديمه للسيدات الخاضعات لهذه العلاجات؟

استنادًا إلى ما سبق، يتبين أهمية توفير دعم نفسي للزوجات والعائلات للسيدات اللائي يخضعن لعلاج الخصوبة والإنجاب. وإذا كانت الحاجة تستدعي ذلك، يجب توفير رعاية نفسية متخصصة للسيدات المتأثرات بالعلاج الهرموني للإنجاب.


محمد الفاتح سلطان الفتوحات الحلقة 16