-

فهم الرهاب الاجتماعي وعلاجه الفعّال

(اخر تعديل 2024-09-09 13:28:26 )
بواسطة

محمد هو شاب طموح وذكي، متفوق في تخصصه الجامعي. إلا أنه عندما طلب أستاذه الجامعي من الطلاب تقديم عرض أمام زملائهم، تعرض محمد لموقف محرج. عند دوره في الإلقاء، شعر باضطراب في معدته، وبدأ يتعرق، ويشعر بخوف شديد، مع تسارع نبضات قلبه. حاول محمد السيطرة على مشاعره، ولكنه تعثر في كلماته، وقرر في النهاية الانسحاب من القاعة بخجل، مما أثر على تقديره في المادة.

يعاني محمد من اضطراب الرهاب الاجتماعي، وهو من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا عالميًا. يُقدر أن حوالي 5% إلى 10% من الأشخاص يعانون من هذا الاضطراب، والذي يعد ثالث أكثر حالات الصحة العقلية انتشارًا بعد الاكتئاب واضطراب إدمان المخدرات. غالبًا ما يواجه الأشخاص المصابون بالرهاب الاجتماعي صعوبة في المواقف الاجتماعية مثل مقابلة أشخاص جدد، الإلقاء أمام جمهور، إجراء مكالمات هاتفية، أو حتى تناول الطعام في الأماكن العامة.

تستمر علامات الرهاب الاجتماعي حتى بعد انتهاء الموقف، مما يؤدي إلى شعور بالعزلة المستمرة وخوف من تكرار تلك التجارب في مواقف جديدة. هذا قد يؤثر سلبًا على قدرتهم في بناء علاقات اجتماعية صحية أو النجاح في بيئاتهم المهنية أو الأكاديمية.

في هذا المقال، سنتناول مفهوم الرهاب الاجتماعي، أعراضه، أسبابه، الفروق بينه وبين القلق الاجتماعي، وما إذا كان يعتبر اضطرابًا نفسيًا، بالإضافة إلى طرق العلاج المتاحة.
مجمع 75 الحلقة 147

ما هو الرهاب الاجتماعي؟

الرهاب الاجتماعي هو نوع من اضطرابات القلق، يتميز بالخوف المستمر والقلق الشديد في المواقف الاجتماعية. يشعر المصابون بالخوف من التعرض للإحراج أو الانتقاد، مما قد يدفعهم لتجنب المواقف الاجتماعية تمامًا. حتى عند الانخراط في المجتمع، يواجه هؤلاء الأفراد صعوبة كبيرة، مما يؤثر سلبًا على حياتهم اليومية والمهنية.

عادة ما يبدأ الرهاب الاجتماعي في مرحلة الطفولة ويتطور خلال فترة المراهقة، وغالبًا ما يظهر بين سن 11 و15 عامًا. بينما قد تتحسن حالة بعض الأشخاص مع تقدمهم في العمر، فإن العديد منهم يحتاجون إلى علاج للتغلب على هذه الحالة.

أسباب الرهاب الاجتماعي

تتعدد الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى الرهاب الاجتماعي، وتختلف استجابة الأفراد وفقًا لعدة عوامل. ومن أبرز هذه الأسباب:

أولاً: العوامل الوراثية

يجب على كل شخص يبحث في أسباب الاضطرابات النفسية أن يأخذ بعين الاعتبار التاريخ العائلي. إذا كان أحد الوالدين أو الأقارب يعاني من الرهاب الاجتماعي، فإن احتمالية إصابة الفرد به تكون عالية.

ثانيًا: التجارب السلبية في الطفولة

تعتبر مرحلة الطفولة فترة حرجة تعرض الطفل للتجارب السلبية، مثل التنمر أو الاستهزاء. هذه التجارب قد تؤدي إلى شعور بالخوف من المواقف الاجتماعية ويصبح الطفل أكثر عرضة للعزلة.

ثالثًا: التربية والأسرة

تلعب العوامل البيئية والأسرة دورًا كبيرًا في تشكيل صحة الفرد النفسية. تربية الطفل في بيئة صحية نفسياً تعزز من قدرته على النجاح في المجتمع، بينما التربية المفرطة في الحماية قد تنتج عن شعور بالخوف والتردد.

رابعًا: تأثيرات البيئة والثقافة المحيطة

الانتقال إلى بيئات جديدة أو التغيرات الكبيرة في الحياة قد تؤدي إلى ضغوط اجتماعية، مما يزيد من احتمالية تطور الرهاب الاجتماعي.

خامسًا: الصفات الشخصية

بعض الأشخاص يتمتعون بطبيعة شخصية خجولة، مما يجعلهم أكثر عرضة للشعور بعدم الراحة في المواقف الاجتماعية. يمكن للأفراد معرفة طبيعتهم الاجتماعية من خلال اختبارات الشخصية.

سادسًا: التجارب المحرجة

التعرض لمواقف محرجة قد يؤدي إلى صدمة نفسية، مما يساهم في تطور الرهاب الاجتماعي.

أعراض الرهاب الاجتماعي

تنقسم أعراض الرهاب الاجتماعي إلى قسمين:

أعراض عاطفية وسلوكية:

  • الخوف من الحكم السلبي من الآخرين.
  • الخوف الشديد من التفاعل مع الغرباء.
  • تجنب القيام بأشياء جديدة.
  • القلق الشديد قبل الأحداث الاجتماعية.
  • تحليل الأداء وتحديد العيوب بعد المواقف الاجتماعية.

الأعراض الجسدية:

  • احمرار الوجه.
  • سرعة ضربات القلب.
  • التعرق.
  • صعوبة في التنفس.
  • الدوخة أو الدوار.

الفرق بين الرهاب الاجتماعي والقلق الاجتماعي

بينما يُستخدم مصطلحا الرهاب الاجتماعي والقلق الاجتماعي بالتبادل، إلا أنهما يختلفان. الرهاب الاجتماعي يُشير إلى خوف محدد ومكثف من المواقف الاجتماعية، في حين أن القلق الاجتماعي يشمل شعورًا عامًا بالتوتر في المواقف الاجتماعية.

هل الرهاب الاجتماعي اضطراب نفسي؟

يُعتبر الرهاب الاجتماعي اضطرابًا نفسيًا حيث يؤثر بشكل كبير على حياة الأفراد. يمكن علاجه من خلال التدخلات النفسية والطبية المناسبة.

علاج الرهاب الاجتماعي:

يتم علاج الرهاب الاجتماعي بطرق متعددة، بما في ذلك العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والعلاج بالأدوية. يمكن لتقنيات الاسترخاء والتدريب على المهارات الاجتماعية أن تساعد في تقليل التوتر.

يجب على الأفراد البحث عن المساعدة من المتخصصين في الصحة النفسية للتغلب على هذا الاضطراب. في حاكيني، نقدم استشارات نفسية عبر الإنترنت، حيث يمكنك تحديد موعد لجلسة استشارية ومساعدة نفسك في التغلب على الرهاب الاجتماعي.

في الختام، يحتاج علاج الرهاب الاجتماعي إلى نهج شامل يشمل العلاج النفسي والتعاون مع أخصائيين نفسيين، مما يساعد الأفراد على العيش بشكل طبيعي ومتكامل في المجتمع.