ما هو الفرق بين الحلم والرؤيا
تختلف الرؤى عن الأحلام من عدّة حيثيّات، إذ هناك علامات عدّة واضِحة تبيّن الفرق بين كل منهما، وتتلخَّص هذِهِ العلامات في مجموعةٍ من النِّقاط كما يأتي:
- الفرق من حيث المصدر الأساسي
الرؤيا مصدرها من الله -عز وجل-، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الرُّؤْيا مِنَ اللَّهِ)، أما الحلم فهو من الشيطان، ففي الحديث: (الحُلْمُ مِنَ الشَّيْطانِ).
- الفرق من حيث ما يحمله مضمون المنام
يستيقظ من رأى الرؤيا وفي قلبِهِ راحة واطمئنان، لأنّ الرؤيا إمّا أن تحملُ بُشرى مفرحة من الله لصاحبها أو تحذّره من وقوع أمرٍ ما، أما الأحلام فهي عادة ما تكون من الشيطان، ولا تحمل بشارات مفرحة أو مطمئنة بل غالباً على العكس.
- الفرق من حيث اتّساق الأحداث
يذكُر صاحب الرُّؤيا بداية ما رآه ونِهايتِه، وتكونُ الأحداثُ مُتّصلة ببعضِها وواضحة؛ بحيث يستطيعُ سردها لعالمٍ بتفسير الرُّؤى، أما الأحلام ففي أكثر الأحيان يستيقظ الرائي ناسياً ما رآه من كثرة الأحداث غير المنظّمة، أو قد يتذكّر جزءاً منها وينسى الآخر.
- الفرق من حيث وضوح التفاصيل
تبدو تفاصيل الرُّؤيا واضحة؛ بحيث لا يحدُث التِباسٌ أو غموض أو خبط بين أحداثها، ويتذكّرها الرائي بغضِّ النّظر عن موعد الرؤيا أو وقتها من ساعات اللّيل، أما الحلم فلا يكون واضحاً، وقد يكون مليئاً بالأحداث المشوّشة أو المزعجة، ولا يكون لها معنى في الواقع.
- إذا رأى الرائي النبيّ في منامه
إن رؤية النبيّ الكريم في المنام تُبيّن أنّ ما رآه الرائي من الرؤى الصادقة؛ لأنّ الشيطان لا يتمثّل بصورة النبي، إذ قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن رَآنِي في المَنامِ فقَدْ رَآنِي، فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَتَمَثَّلُ بي).
- ارتباط المنام بما يشغل بال الرائي
إذا رأى المُسلم حُلماً لشيء كان يُفكّر بهِ قبل نومِهِ فعندها يكون ذلك حلماً بسبب صُور تعكسُها أفكارهُ وحالتُهُ العقلية، وهو ما يُسمّى بحديث النفس، أما الرُّؤيا فلا تحمل تفاصيل عن موضوعات حياته الخاصّة التي تؤرّقهُ أو تشغلُ بالهُ.
- إذا كان الرائي صادقاً أو كاذباً
إنّ صدق الرائي وتقواه يؤثّر في التفريق بين الرؤى والأحلام، إذ كلما زاد صدقه وتقواه كانت رؤياه أصدق، ولا يعني هذا أنّ غيره لا يرى الرؤى، ولكن يكون ذلك قليلاً جدا مقارنة بما يراه المؤمن الصدق، ويدل على ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَصْدَقُكُمْ رُؤْيا أصْدَقُكُمْ حَدِيثًا).
دلّنا النبي -صلى الله عليه وسلم- على طريقة وآداب التعامل مع الرؤى والأحلام، وتوضيح ذلك فيما يأتي:
من آداب التعامل مع الرؤيا
حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- من رأى الرؤيا على أن لا يُخبِر بها إلا من يُحبّ ويثق به، وأن لا يكذِب في تفاصيلِها، وألا يسأل عنها إلّا أهل العِلم والاختِصاص، كما حثّ على شكر الله -تعالى- عليها، ففي الحديث: (إذا رَأَى أحَدُكُمْ رُؤْيا يُحِبُّها، فإنَّما هي مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عليها ولْيُحَدِّثْ بها).
من آداب التعامل مع الأحلام
من رأى حلماً مزعجاً فيُشرع له التّعوّذ بالله مما رأى، ويتعوذّ كذلك بالله من الشّيطان الرّجيم، ويُسنّ أن ينفث على يسارِهِ ثلاث مرات ثم ينام على الجانب الآخر، ولا يُخبِر أحداً بما رآه، ففي الحديث: (إذَا رَأَى ما يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ باللَّهِ مِن شَرِّهَا، ومِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، ولْيَتْفِلْ ثَلَاثًا، ولَا يُحَدِّثْ بهَا أحَدًا؛ فإنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ).
يُعتبرُ تفسير الأحلام والرُؤى من الأُمور التي تُهمّ كثيراً من النّاس على اختلافِ أعمارِهم وأجناسِهم، وتكاد لا تخلو أيّامنا ممن يسأل عن حُلم أو رُؤيا رآها ويبحثُ عن تفسيرٍ لها، وما إذا كانت تأتي بالبشائر وتُنذِر باقتِراب المصائب أو المشاكِل.
ولكن ينبغي على الرائي أن يعلم أنّ دلالات الرؤى ظنّية اجتهادية قد تُصيب وقد تُخطئ، فلا يُمكن الجزم بصحّتها، كما أنّ أمر وقوعها وتحقّقها إن صدقتْ يبقى في علم غيب الله -تعالى-، وكثيراً ما يرى النائم ما كان يفكّر به ويحدّث به نفسه، أو أحلاماً مزعجة لإحزانه، وهذه لا تأويل لها، وعلى الإنسان أن لا يجعل مبنى حياته على ما يراه من المنامات، إذ إن الأحلام والرؤى لا ينبني عليها أحكام شرعية.