-

العنصرية ضد السود: متى بدأت؟ وما حيثياتها؟

العنصرية ضد السود: متى بدأت؟ وما حيثياتها؟
(اخر تعديل 2024-09-09 08:09:33 )
بواسطة

مفهوم العنصرية

ترتبط العنصرية بمجموعة من الاعتقادات الشائعة بأنَّ عِرق الإنسان وأصوله ولونه هي المُحددة لقدراته وسماته الأخرى، وتؤدي هذه الاعتقادات بتشكيل هرم تسلسلي يُخَّلد تفوق عِرق على غيره من العروق، أو اعتقاد أن هناك أجناس أعلى من الأجناس الأخرى، وهذا ما سُمي بالاضطهاد العِرقي، وعلى مر تاريخ البشري اضطُهدت سلالات عرقية وكانت أدنى من غيرها اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا على فترات زمنية طويلة، أبرزها السلالات العرقية من أصحاب البشرة السوداء.

نشأة العنصرية

وجدت العنصرية منذ العصور القديمة، وكانت تنتشر بين المجتمعات كمجموعات عرقية أو تاريخية تعتقد أنها ورثت الحقوق السامية التي تجعلها في أعلى الهرم، أما عن العنصرية ضد السود فكان يُطلق عليهم لفظ العبيد، وقد ورد ذكر هذا المصطلح في الكُتب المُقدسة القديمة، وفي المُجتمعات المصرية واليونانية والرومانية.


العنصرية في القرن السادس عشر ميلادي

خلال أعوام 1550-1600 استُخدم لفظ الأبيض لوصف طبقة النخبة من السيدات الإنجليزيات، وفي عام 1613م تمحور هذا اللفظ ليُصبح أكثر شمولًا ويُقصد به تفوق العرق الأبيض على الهنود الشرقيين عند احتلال بلادهم من قبل البريطانيين.

العنصرية في القرن السابع عشر ميلادي

شهدت فترة منتصف القرن السابع عشر الميلادي اختلاف كبير في استخدام لفظ الأبيض، واستخدمه المستعمرين للإشارة لمن يشبههم. وانتشر ثلاث تصنيفات للعرق هي: الأبيض لوصف الرجال، والمتوحش لوصف الهندي الأحمر، وغير البشر لوصف الأفارقة والسود، وأدى هذا لاستعباد السود بشكل رسمي من قبل البيض.

تجارة الرقيق في بريطانيا

ازدهرت العديد من الحضارات قديمًا في قارة أفريقيا، فتشكلت مملكة غانا عام 400 م، وكانت من الممالك الضخمة، وقد حكمها سود البشرة، وفي عام 784م أسس دوغو مملكته والتي كانت تضم مُعظم تشاد الحالية، وتأسست مملكة الكونغو القوية عام 1350م، ولكن هذه القوى اصطدمت بالطموح البريطاني والأوروبي الاستعماري في السنوات التالية.

بدأت تجارة الرقيق بشكل رسمي عام 1562م عندما قاد الإنجليزي جون هوكينز رحلة يشتري بها الرقيق من الساحل الغربي لإفريقيا، وفي سنوات قصيرة أصبحت بريطانيا أكبر تاجرة رقيق في العالم، وكرست القوانين التي تخدم تفوق العِرق الأبيض على الأسود، ونقلت ما يُقارب من 13 مليون إفريقي لأراضيها ومُستعمراتها ليعملوا كعبيد.

مخطط عزل السود في بريطانيا

بذلت الملكة إليزابيث الأولى جهدًا كبيرًا لإزالة السود من مملكتها بعد انتصارها على مملكة إسبانيا، وكان هذا قرابة عام 1589م، وفي أوائل القرن السابع عشر بدأت حملة اختطاف العبيد الأفارقة لنقلهم لمستعمرات إنجلترا في أمريكا الشمالية، إذ بدأ المخطط باختطاف 20 إفريقيًا ونقلهم سرًا لتلك الأراضي.

بدأ العمل المُخطط والأكثر دموية بتاريخ بريطانيا تجاه السود عام 1672م، حينما منحت بريطانيا ميثاق حصري لشركة (رويال أفريكان) يسمح لها بنقل العبيد للمستعمرات الأمريكية، وبعد حوالي قرن بدأت حركات التحرر ضد العبودية بالظهور في المُستعمرات البريطانية، وأجبر الأفارقة حاكم جامايكا البريطاني إدوارد تريلاوني على اتفاقية سلام تمنح الأفارقة حريتهم، ويسمح لهم بإعادة الأفارقة الهاربين لديارهم.

نشأة العنصرية في الولايات الأمريكية

تلبية لاحتياجات المُستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية، تحول نشاط العبودية لتلك الأراضي في بداية القرن السابع عشر، وبدأت عام 1619م بنقل الأفارقة المخطوفين من بريطانيا لفرجينيا في الولايات المُتحدة الأمريكية، ثُم انتشرت العبودية للسود بُسرعة كبيرة في مُستعمرات أمريكا.

وضَّح عدد من المؤرخين أن عدد العبيد السود في الأراضي الجديدة بلغ 6-7 مليون من النساء والرجال في القرن الثامن عشر، وبعد الثورة الأمريكية على بريطانيا وانفصال غالبية مُستعمراتها، بدأت ظهور حركات اضطهاد ضد السود، وتم استعبادهم واستخدامهم لأداء المهام الصعبة والزراعة خاصةً في مُستعمرات الشمال.

تحرير العبيد في أمريكا الشمالية

ظهر قادة مثل توماس جيفرسون وجورج واشنطن قاموا بتحرير العبيد المالكين لهم، وحثوا الكثير من الشخصيات المُهمة المالكة للعبيد لاتباع خطاهم، فألغت غالبية ولايات الشمال الأمريكي تجارة العبيد والعبودية، أما الولايات الجنوبية رفضت هذه الخطوات، وذلك بسبب اعتمادها على تجارة القطن والتبغ، التي تحتاج لعدد هائل من عمال المزارع والتي كانت تعتمد بشكل أساسي على السود.

الحرب الأمريكية الأهلية

ثار العديد من السود على هذه السياسات الجنوبية، ولعل أبرزها ثورة نات تورن عام 1831م، وبلغ عدد سود البشرية في الولايات الجنوبية أكثر من 4 ملايين شخص عام 1860م، وبعدها بعام اندلعت الحرب الأهلية الأمريكية بين ولايات الشمال الرافضة للعبودية، وبين الجنوبيين الداعمين للعبودية، وانتهت بانتصار الشمال وتحرير الرقيق بشكل نهائي من كامل أراضي أمريكا الشمالية.

مرت الكثير من السنوات على توقف العبودية والعنصرية ضد السود، ومع ذلك، هناك العديد من التصرفات الغير مفهومة ضد السود، وهنالك العديد من الإحصائيات التي تؤكد وجود بعض مظاهر العنصرية ضد السود في القرن الحالي، وفيما يلي ذكر لأبرز مظاهر العنصرية حاليًا:

  • ظل الفقر وانخفاض المستوى المادي هو الشائع ما بين سود البشرة، ففي أمريكا ما زالت 30% من عائلات السود يعيشون تحت خط الفقر.
  • على الرغم من استلام العديد من السود مناصب رفيعة المستوى، بالإضافة لإعطائهم حرية التحرك والعمل، إلا أن هناك العديد من مظاهر العنصرية لا تزال ضد السود في المدارس والجامعات وغيرها من المؤسسات.