تعريف الممارسة العامة في الخدمة الاجتماعية
إنّ التغيرات المتسارعة والنمو المعرفي الكبير قد شكّل منعطفاً كبيراً في معظم العلوم، ومنها العلوم الإنسانية والاجتماعية، حيث نتج عنها مفاهيم واتجاهات حديثة في ميدان العلوم الاجتماعية، وخصوصاً في مجال المشكلات الاجتماعية والتي أصبحت تتطلب اتجاهات محدّثة للتعامل مع المشكلات بدرجة أوسع من الشمولية والتي تتناسب مع طبيعة هذه المشكلات وأبعادها، ومن هذه المفاهيم نتج مفهوم الممارسة العامة في الخدمة الاجتماعية، وهو من الاتجاهات حديثة النشأة والمتقدمة في مهنة الخدمة الاجتماعية على مستوى العالم، ويعدّ من الاتجاهات التي تقدّم منظورًا شموليًا في الخدمة الاجتماعية، كما يزود المتخصصين فيها من الدارسين والباحثين بمجموعة من المهارات والمعارف والقيم المهمة لتسهيل كيفية التعامل مع المشكلات الاجتماعية المعاصرة بمنظور شمولي يتضمن كافة شرائح العملاء من مستوى الفرد والأسرة وحتى المجتمع المحلي والمجتمع الكبير بشكل عام.
هناك مجموعة متعددة للتعريفات التي تناولت الممارسة العامة، ومن أهم تلك التعريفات: إنّ الممارسة العامة في الخدمة الاجتماعية هي: "اتجاه شامل للممارسة يركز على المسؤولية المتبادلة بين نسق الأخصائي الاجتماعي ونسق العميل في التعامل مع مشكلات العملاء في البيئة، حيث يتضمن نسق العميل مكونات شخصيته المتعددة وأسرته وزملائه ومجتمعه المحلي، والمجتمع العالمي أيضاً، وقد اهتم ذلك الاتجاه بالتركيز على الأنساق التي يتدخّل معها الأخصائي (الفرد، الأسرة، المجتمع المحلي، وأخيراً المجتمع العالمي)".
كما تمّ تعريف مفهوم الممارسة العامة في الخدمة الاجتماعية بأنّها: "إطار للعمل يتضمن تقدير كل من الأخصائي والعميل للموقف لتحديد النسق الذي يجب أن يوجه إليه الاهتمام، وتركيز الجهود لتحقيق التغيير المطلوب فيه؛ حيث ينصب تركيز الاهتمام على الفرد أو الأسرة أو الجماعة الصغيرة أو المنظمة أو المجتمع المحلي"، وقد ركّز التعريف على العلاقة المهنية ما بين الأخصائي الاجتماعي والعميل متلقي الخدمة.
وبشكل عام يمكن تعريف الممارسة العامة بأنّها: "اتجاه الممارسة المهنية الذي يركز فيه الممارس العام في الخدمة الاجتماعية على استخدام الأنساق البيئية والأساليب والطرق الفنية لحل المشكلة دون تفضيل التركيز على تطبيق طريقة من طرق مهنة الخدمة الاجتماعية لمساعدة المستفيدين من خدماتالمؤسسات الاجتماعية في إشباع احتياجاتهم ومواجهة مشكلاتهم، واضعاً في اعتباره كافة الأنساق (فرد، أسرة، جماعة صغيرة، منظمة، مجتمع) ومستنداً على أسس معرفية ومهارية وقيمية تعكس الطبيعة المتفردة لممارسة المهنة في تعاملها مع التخصصات الأخرى لتحقيق الأهداف وفقاً لمجال الممارسة".
يعرّف قاموس الخدمة الاجتماعية الممارسة العامة على أنها: "تلك الممارسة التي تقوم على مجموعة من المعارف والمهارات المرتبطة بالخدمة الاجتماعية التي تقدمها المهنة، حيث يستخدم الأخصائي الاجتماعي طرق وأساليب مهنية متنوعة خلال عملية التدخل المهني، ويعمل مع أنساق متنوعة على نطاق شامل".
تعتبر الممارسة العامة إطاراً عاماً يوفر للأخصائي الاجتماعي قاعدة ومنطلقاً نظرياً للممارسة المهنية؛ حيث أن التغيير في البناء الاجتماعي يتعامل مع كل مستوى من مستويات الممارسة (بداية من الفرد وحتى المجتمع الكبير)، وتهدف تلك الممارسة العامة بشكل عام إلى توجيه وتنمية التغيير المخطط أو عملية حل المشكلة للفرد.