تفسير رؤية الوحي في المنام
الوحي من الرموز قليلة الانتشار في الرؤى والأحلام، وهي غالبا منحصرة في بعض المعاني، إلا في بعض أحوال الرائي، ومن هذه الدلالات؛ الإخبار عن أمر مهم، أو البشارة بخير، أو مكانة، أو الحمل، أو تحقق أمر مهم، أو الموت، أو التنقل، أو الجهاد والنصر، أو أحوال الدعاء من الاستجابة، أو الدلالة على الدعاء، أو الفرج من ضيق، أو سر من الأسرار.
إن كان الرائي يرى أنه يوحى إليه ولم يرَ الوحي؛ فلعله خبر يأتيه من مجهول، وإن كان رأى من يوحي إليه فهو من معروف، وفي كلا الحالين خبر مهم أو بشرى، ومن رأى أنه يوحى إليه من جبريل -عليه السلام-؛ فعلى حسب حاله يكون التعبير من البشارة والنذارة والخير وغير ذلك من الأمور التي تكون مهمة.
وقد ذكر النابلسي في كتابه التعطير عدة احتمالات لرؤيا جبريل عليه السلام-؛ منها أنه ربما يصير عالماً رفيعاً يسمو ذكره بين أقرانه، كما قد يدل على رسول السلطان، وعلى الأسرار، وعلى الحمل بالأولاد، وعلى التعبد أو العلم، كما قد تدل رؤيته على سريان الروح، وقد يدل على التنقل والجهاد والنصر.
وذكر النابلسي أن من رأى جبريل -عليه السلام- حزينا؛ فقد يصيبه هم وغم وشدة، ومن رأى أنه صار في هيئة جبريل -عليه السلام-؛ فإنه قد يكون سخياً كثير الخير والبركة.
ومن رأى أنه يوحي لغيره؛ فعلى حسب ما يوحي يكون حاله في الواقع؛ فليتق الله لو كان على سوء، وقد ذُكر في التفسير المنسوب لابن سيرين أن من رأى أنه يعادي جبريل وميكائيل أو يجادلهما؛ فإنه في أمر يُحل اللهُ به نقمته وعذابه، فليراجع نفسه وليحذر مما شابه ذلك من الرؤى.
من رأى الوحي أو جبريل عليه -السلام-؛ فربما تدل على بشرى خير، فإن كان من أهل الحق فهو صلاح أو خبر طيب على حسب حاله، وإن كان من أهل المعاصي فلعلها توبة، وإن كان الوحي منه غاضباً فهو إنذار له، ولو رأت المرأة الحامل جبريل -عليه السلام-؛ فإنها قد تضع ولدا ذكراً.
والعزباء إن رأت الوحي فقد تتزوج أو يأتيها خبر عن خاطب سيتقدم وفيه الخير، وقد ذكر الشهاب العابر الحنبلي قوله: "فَمن صَار جِبْرِيل، أَو جَاءَ إِلَيْهِ، أَو صَار فِي صفته: دلّ على مَجِيء رَسُول من عِنْد من دلّ الْبَارِي عز وَجل عَلَيْهِ. كرسول من سُلْطَان، أَو حَاكم، أَو عَالم، أَو ولد، وَنَحْو ذَلِك".
وهذا على حسب حال الرائي في الواقع، فمن ذلك لو كان مقبلاً على الطاعات دل عليه صفة جبريل في الرؤيا، ومن كان في طلب العلم فقد يصبح عالماً، أو المرأة الحامل قد تنجب ذكرا، والموظف قد يحصل على خبر للترقية، وكذا الباحث عن الوظيفة، وعلى مجموع ذلك يُقاس غيره.
وإن علم الرؤى والأحلام من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله -تعالى-، وأمر تحقيقها في علم الغيب، وقد تكون الرؤيا صادقة من الله -تعالى-، وقد تكون من حديث النفس، وقد تكون من الشيطان ليحزن قلب المؤمن، وعلى المؤمن أن يستبشر خيراً بما يراه ويتوكل على الله -تعالى-.