الدورة الشهرية – أعراض وطرق علاج وعلاقتها
الدورة الشهريّة هي عملية طبيعيّة يخضع لها جسم المرأة بصفة دوريّة كل شهر، وتسمى أيضاً العادة الشهريّة، الحيض، الطمث، أو الدم الشهري. تحدث هذه العمليّة بسبب تحرر بويضة من المبيض، وفي حال عدم حدوث حمل، يقوم الجسم بالتخلص من بطانة الرحم التي تم إعدادها لحضن البويضة المخصبة من الجسم، وذلك في شكل دم هو عبارة عن الأنسجة المخاطية التي تزول عن جدران الرحم، ويتم تجديدها مرة أخرى بعد الانتهاء من الدم الناتج عن هذه العمليّة.
تقاس مدة الدورة الشهريّة ابتداء من اليوم الأول من الدورة الحالية إلى اليوم الأول من الدورة التالية. يبلغ متوسط مدة الدورة الشهريّة من 28 إلى 29 يومًا، ولكن تختلف الدورة الشهريّة عند كل امرأة. على سبيل المثال، قد تقل إلى 21 يوما أو تزيد إلى 38 يومًا. عادة ما تبدأ الدورة الشهريّة عند المرأة من سن التاسعة إلى سن الخامسة عشر، أي بحلول سن البلوغ، وتستمر الدورة الشهريّة طيلة سنوات الخصوبة الطبيعية للمرأة، وقد تضطرب وتيرتها لأسباب تتعلّق بالحمل أو التوتّر أو النظام الغذائي، لكنها تنتهي رسميا بعد انقطاع الطمث التي يحدث عادةً في الخمسينات أو في ما يعرف بسن اليأس لدى المرأة، أو لأسباب صحّية أخرى أقل شيوعا.
يمكن استعمال يومية أو تنزيل تطبيق لمعرفة موعد الدورة الشهريّة والاحتياط لها مسبقا، إذ يوفر التقدم التكنولوجي وسائل سهلة لاحتساب أيام العادة الشهريّة والاستعداد لقدومها.
أعراض الدورة الشهريّة
تختلف أعراض وعلامات الدورة الشهريّة من امرأة إلى أخرى، ولكن عموما، تشمل الأعراض الشائعة التالي:
الألم: يمكن أن تحس العديد من النساء بأوجاع في أماكن عديدة من الجسد كالظهر والفخذين ومنطقة الحوض والثديين قبل و/ أو خلال فترة الدورة الشهريّة.
ايمان الحلقة 9- الشعور بالانتفاخ أو التورّم: وذلك في راحتي اليد والساقين والقدمين قبل و/ أو خلال فترة الدورة الشهريّة.
- الإمساك أو الإسهال: قد تحدث اضطرابات في وظائف الجهاز الهضمي قبل و/ أو خلال فترة الدورة الشهريّة وتختلف نتائجها من امرأة إلى أخرى.
- الصداع: يمكن أن تعاني بعض النساء من نوبات صداع متكرّرة خلال فترة الدورة الشهريّة.
- هشاشة الشعر: قد يصبح الشعر ضعيفا وحساسا (أو دهنيا) قبل و/ أو خلال فترة الدورة الشهريّة بسبب التغيرات الهرمونية التي تصاحب هذه الفترة.
- تهيّج البشرة: يمكن أن تتسبّب الدورة الشهريّة في ظهور بثور على الوجه أو في سلب البشرة نضارتها وحيويتها.
- تعكّر المزاج: قد تشعر العديد من النساء بالإرهاق والضعف والغضب و/ أو خلال فترة الدورة الشهريّة، خاصة باجتماع اثنتين أو أكثر من الاعراض المذكورة.
- انخفاض أو فقدان الرغبة الجنسية: أو العكس خاصة ما قبل الدورة الشهريّة بأيام.
- النزيف، وهو أكثر الأعراض وضوحا: يحدث نزيف في فترة الدورة الشهريّة، وقد يستمر لمدة 3 إلى 7 أيام وعادة ما تخف حدته بمرور الوقت.
هذه هي بعض الأعراض الأكثر بروزا للدورة الشهريّة، ولكن يمكن أن تختلف الأعراض والعلامات من امرأة إلى أخرى، وفي حين قد تمرّ إحداهن بفترة حيض دون ألم، قد تجتمع كل هذه الأعراض في أخرى. وهناك أعراض مثل الغثيان أو الرغبة المفرطة في الأكل أو اضطرابات النوم، التي قد تظهر في مناسبات دون أخرى. ويجدر التنبيه إلى أن عدم التعرّض إلى هذه المشكلات في دورة شهريّة، لا يعني عدم ظهورها في دورة شهريّة لاحقة لدى نفس المرأة، والعكس صحيح.
الدورة الشهريّة والاضطرابات النفسية
تشير متلازمة ما قبل الحيض (PMS) إلى مجموعة من الأعراض الجسديّة والعاطفية التي تعاني منها بعض النساء في الأيام التي تسبق الدورة الشهريّة. يمكن أن تشمل هذه الأعراض الحساسية وتقلّب المزاج ومشاعر القلق أو الاكتئاب. لم يتم تحديد السبب الدقيق لمتلازمة ما قبل الدورة الشهريّة تمامًا، ولكن يُعتقد أنه مرتبط بالتغيّرات الهرمونية التي تحدث أثناء الدورة الشهريّة.
أثناء الدورة الشهريّة، تتقلّب مستويات الهرمونات على غرار الإستروجين والبروجسترون والسيروتونين، ويُعتقد أن بمقدور هذه التغيرات الهرمونية أن تحدث تغييرا في الناقلات العصبية في الدماغ، والتي بدورها يمكن أن تؤثر سلبا على الحالة المزاجية للمرأة وسلوكها عموما. إضافة إلى ذلك، يمكن أن تسبب متلازمة ما قبل الدورة الشهريّة أيضًا عدم الراحة الجسدية، مثل التقلصات والانتفاخ وغيرها من العوارض كما ذكر أعلاه، مما قد يساهم في الشعور بالسلبية لدى المرأة.
قد تمر كثير من النساء بتغيرات مزاجية أثناء فترة الدورة الشهريّة، وتزداد هذه التغيرات لدى النساء اللواتي يعانين من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق. وبالمثل، يمكن أن تؤدي المشاكل النفسية مثل القلق والاكتئاب إلى اضطرابات في الدورة الشهريّة، مما يجعل العلاقة بين الدورة الشهريّة والاضطرابات النفسية متبادلة.
وتجدر الإشارة إلى واقع أنه لا تعاني كل النساء من متلازمة ما قبل الدورة الشهريّة، وقد تنجرّ عنها أعراض مختلفة بدرجات مختلفة من الشدة لا يمكن حصرها. علاوة على ذلك، قد تعاني بعض النساء من أعراض أكثر قوة تمثل اضطراب ما قبل الحيض المزعج (PMDD)، وهو شكل أكثر حدّة من متلازمة ما قبل الحيض يصيب نسبة أقل من النساء.
ومن المهم أن ندرك أن مجرد معاناة بعض النساء من تغيرات مزاجية قبل أو أثناء الدورة الشهريّة، لا يعني أنه عذر للاستهانة بمشاعرهن وأحاسيسهن أو التقليل من شأنها. من الضروري التأكد من سلامة ودعم النساء اللاتي يعانين من متلازمة ما قبل الدورة الشهريّة والتماس العناية الطبية إذا كانت الأعراض شديدة بما يكفي لعرقلة مسار الحياة اليومية.
بالإضافة إلى ذلك، يجب الوعي والتوعية بأن الدورة الشهريّة والاضطرابات النفسية هما أمران منفصلان ومختلفان، ولا يعني وجود التغيرات المزاجية خلال فترة الدورة الشهريّة بالضرورة أن المرأة تعاني من اضطراب نفسي. وإذا كانت التغيرات المزاجية تؤثر على حياة المرأة بشكل كبير، ففي مصلحتها البحث عن العلاج والدعم اللازمين للتعامل مع هذه التغيرات والتحدث مع مقدم الرعاية الصحية حول أي أعراض تسبب لها القلق أو الإزعاج.
ما سبب اضطراب النفسية خلال الدورة الشهريّة؟
تعاني نساء كثيرات من الاضطرابات النفسية خلال فترة الدورة الشهريّة، ويعتقد الخبراء أن السبب الرئيسي لذلك هو التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال هذه الفترة. يؤثر هذا التغير في الهرمونات التي ذكرت أعلاه على الكيمياء في الدماغ والجهاز العصبي، ويمكن أن يؤدي إلى تغيرات في المزاج وبالتالي، الشعور بالقلق والإرهاق والاكتئاب.
وفيما يلي بعض أسباب أخرى محتملة للاضطرابات النفسية التي قد تحدث قبل أو خلال الدورة الشهريّة:
وفي حالة ثبت وجودها، يجب على النساء اللواتي يعانين من اضطرابات نفسية خلال فترة الدورة الشهريّة لسبب أو لآخر التواصل مع مختص، حيث يمكن أن يوصي الطبيب بعلاج الأعراض المحددة التي تعاني منها المرأة، جسدية كانت أم نفسية، بما يتناسب معاها من عقارات هرمونية وأدوية مضادة وعلاجات نفسية.
علاج الدورة الشهريّة
يمكن اللجوء إلى العديد من العلاجات المختلفة لتخفيف حدّة الأعراض المرتبطة بالدورة الشهريّة، وذلك يعتمد على نوع وشدة الأعراض التي تعاني منها المرأة. نذكر من بين العلاجات المستخدمة للتخفيف من الأعراض الشائعة للدورة الشهريّة:
المسكّنات: يمكن تناول مسكنات الألم مثل الأسبرين والإيبوبروفين لتخفيف الأوجاع الناتجة عن الدورة الشهريّة.
- المكمّلات الغذائية: يمكن أن يكون لبعض العناصر الغذائية مفعول السحر على الجسم، وخاصة منها الكالسيوم، فيتامين ب 6، والمغنيسيوم.
- العلاج الهرموني: يمكن استخدام العلاجات الهرمونية مثل حبوب منع الحمل أو الأدوية الهرمونية الأخرى لتنظيم هرمونات الجسم وتقليل الأعراض المرتبطة بالدورة الشهريّة.
- التمارين الرياضية: يمكن لممارسة التمارين الرياضية بانتظام أن يكون له تأثير إيجابي على الصحة النفسية والجسدية للمرأة وللإنسان بشكل عام.
- العلاج النفسي: يمكن استشارة متخصص في الصحة النفسية للحصول على الدعم النفسي والتحدث عن أي مشاكل نفسية قد تتعلق بالدورة الشهريّة.
- تحسين نمط الحياة: يمكن أن يساهم اتباع نمط عيش سليم وتناول الطعام الصحي والمتوازن والحصول على قسط كافٍ من الراحة والنوم في إنقاص الأعراض المرتبطة بالدورة الشهريّة.
ولدى الأمهات والجدات نصائح عملية عن خبرة لتقليل آلام الدورة الشهريّة وتسريعها بطريقة طبيعية وآمنة، من أكثرها فعالية:
- الإكثار من السوائل: يمكن للمشروبات والأطعمة السائلة، كالشوربة أو الحساء، أن تسهل الدورة الشهريّة بطريقة لا تضر بالجسم.
- تجنب السباحة والاستحمام: بسبب ضغط الماء، قد يؤدي غمر الجزء السفلي من الجسم في الماء إلى احتباس الدم وبالتالي زيادة الألم خاصة في منطقة البطن. لكن الحصول على دش ساخن هو أمر مستحسن.
- استعمال المنتجات الصحية المناسبة: في حين تسبب الفوط الصحية الحكة والتهيج لبعضهن، يمكن أن تكون الحل الأفضل لأخريات. هناك أنواع عديدة من المنتجات الصحية التي تتماشى مع نمط عيش كل امرأة وتمنحها الإحساس بالحرية والأمان.
- تدفئة الجسم: أحيانا، عند انخفاض حرارة الجسم، قد تزداد آلام الدورة الشهريّة حدّة، لذلك ينصح بارتداء ملابس دافئة ومريحة خلال هذه الفترة ووضع قارورة ماء مغلي على منطقة الرحم.
من المفيد كذلك تدوين يوميات عن الأعراض لمدة 2 إلى 3 دورات شهريّة على الأقل ويمكن الاستشهاد بها في موعد مع الطبيب. كذلك ينبغي على المرأة التي تعاني من أي أعراض غير طبيعية خلال الدورة الشهريّة، كانقطاع في النزيف أو تغير في لون و/ أو كثافة الدم، التحدث مع مقدم للرعاية الصحية لتحديد السبب والحصول على العلاج المناسب.
علاج اكتئاب الدورة الشهريّة
لئن كانت الدورة الشهريّة لا تسبب الاكتئاب بصفة مباشرة، قد تساهم أعراضها في زيادة حدّة الاكتئاب والمقصود بالاكتئاب هنا الاضطراب النفسي. بيد أن هناك اكتئابا مختلفا يصاحب الدورة الشهريّة، ويمكن أن يختلف علاج هذا الاكتئاب بناءً على حدّة الحالة وسببها. ومع ذلك، إليك بعض الاقتراحات التي قد تنطبق على معظم الحالات:
ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة: على عكس ما يعتقده البعض، من المفيد ممارسة الرياضة خلال فترة الدورة الشهريّة، إذ ينتج عن التمارين الرياضية الخفيفة، كتمارين الأيروبيك مثلا، اطلاق هرمون الاندورفين في الجسم وهو هرمون يساهم في الشعور بالسعادة والرضا عن النفس.
وعموما، باتباع نسق حياة أكثر صحة، يمكن التغلب على أي علة نفسية أو جسدية. لذلك بدل التخوف من الدورة الشهريّة وما يتبعها من تأثيرات جانبية، يمكن النظر إليها كفترة نقاهة وتجدد للجسم، وفرصة لاتخاذ قرارات أفضل فيما يتعلق بالعادات والتفضيلات.
أما إذا كانت زوجتك أو أختك أو امرأة أخرى من محيطك تمر باكتئاب الدورة الشهريّة وتود مساعدتها، فعليك بالآتي:
- أعرض عليها المساعدة في أداء الأشغال المنزلية وفي إنجاز مهام أخرى إن أمكن.
- وفر لها الدعم النفسي والمعنوي واستمع إلى مشاكلها وفضفضتها.
- تجنب استفزازها ومجادلتها وحاول مراعاة مشاعرها، السلبية منها خاصة، قدر الإمكان.
- ساعدها في اتباع أنماط العلاج المذكورة أعلاه وذلك بتوفير الموارد اللازمة على سبيل المثال أو القيام بأنشطة كالتدليك وتجهيز صالة الاستحمام.
- كن على وعي بأن طباعها وتصرفاتها خلال فترة الدورة الشهريّة لا تمثل شخصيتها الحقيقية إنما هي انعكاس لعدة ضغوطات داخلية وخارجية.
وتذكر دوما أنها ستكون ممتنّة لك لقيامك بأي أمر من شأنه مساعدتها خلال هذه الفترة الصعبة وهذا سينعكس إيجابا على علاقتك بها، مهما كان نوعها.
خلاصة الأمر
إن العادة الشهريّة هي دورة طبيعية يمر بها جسم المرأة بشكل شهري، وتتميز بتغيرات في مستويات الهرمونات وتأثيراتها على الجسم والعقل. قد تعاني بعض النساء من تغيرات في المزاج والنفسية خلال فترة الحيض، مثل الاكتئاب والقلق والتوتر والعصبية.
للتغلب على هذه المشاكل، يمكن للنساء تطبيق بعض الإجراءات العمليّة، مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام وتناول الأغذية الغنية بالمغذيات والفيتامينات والمعادن. كما يمكن اللجوء إلى التقنيات الاسترخائية مثل التأمل واليوجا والتنفس العميق والعلاج بالإبر، وتجنب الإجهاد والتوتر وتحديد الأولويات.
وعلى الرغم من أن العادة الشهريّة يمكن أن تكون تحديا للمرأة، إلا أنه من المهم إدراك أنها عملية طبيعية ودليل على الخصوبة وليس على المرأة أن تشعر بالخجل أو الحرج منها. ويمكن للنساء الحصول على الدعم اللازم من الأصدقاء والعائلة والخبراء الصحيين للتعامل بفاعلية مع التحديات النفسية التي يمكن أن تنشأ عن العادة الشهريّة.