استعادة السيطرة على الذات: كيف نختار؟
في عالم مليء بالتحديات والضغوطات، يتوجب علينا أن نعيد النظر في كيفية تعاملنا مع أنفسنا ومع الآخرين. كثيرًا ما نغفل عن حقيقة أننا نملك عقولًا وإرادة ورغبات، وأننا في النهاية نمتلك السيادة على أنفسنا. في هذا المقال، سنتناول موضوع تغيير الآخرين: هل هو ممكن حقًا، أم أنه من الأفضل أن نركز على خياراتنا الخاصة؟
فهم الذات والتعامل مع الآخرين
يبحث الكثير من الأشخاص عن العلاج النفسي نتيجة لمعاناتهم من مشكلات القلق و الاكتئاب. وغالبًا ما ينسب هؤلاء الأشخاص مشكلاتهم إلى الظروف المحيطة بهم، سواء كانت أسرية، أو مرتبطة بالعمل، أو بالمجتمع بشكل عام. ينتظر الكثيرون من الآخرين أن يتغيروا، محاولين إقناعهم بذلك على مدار سنوات طويلة لكي يشعروا بالراحة. إن الانشغال في محاولة تغيير الآخرين يُعد من الصفات الشائعة في مجتمعنا، حيث يُنظر إلى الآخر كسلطة، وبالتالي يُعتقد أن هذه السلطة تمتلك السيطرة. ولكن، هذه الفكرة خاطئة، إذ لا يملك أحد السيادة على الآخر، وكل فرد هو سيد نفسه.
التعامل مع الظروف الصعبة
عندما نواجه ظروفًا صعبة، سواء كانت أسرية أو اجتماعية أو مهنية، يجب أن نحلل الموقف بشكل صحيح. لكن الأهم هو أن نحدد كيف يجب أن نتعامل مع الآخرين. الانشغال في تغيير الآخرين هو محاولة للعب في ملعبهم، وغالبًا ما تنتهي هذه المحاولات بالفشل، مما يقودنا إلى حالة من القلق والاكتئاب، ونشعر بالعجز.
بدلاً من محاولة تغيير الآخرين، ماذا يمكننا أن نفعل؟
من الضروري أن ندرك أن الظروف ليست هي الفاعل الأساسي في حياتنا، بل نحن من نحدد كيفية التعامل معها. على سبيل المثال، فقدان وظيفة يمكن أن يكون ظرفًا صعبًا، لكن هناك من يختار أن يستفيد من هذه الفرصة لتطوير نفسه، بينما يدخل آخرون في حالة من اليأس. يجب أن نتذكر أن حتى الشخص المسجون، الذي يبدو وكأنه في حالة عجز، لديه خيارات مختلفة: بعضهم قد يسعى للتعليم، بينما آخرون قد يخططون للهروب أو حتى الانتحار. هذا يوضح أن لكل شخص خيارات، حتى في أصعب الظروف.
الاختيار هو السمة الإنسانية
الأشخاص خارج السجون لديهم خيارات واسعة، لكن كل خيار يحمل ثمنه. لذا يبقى السؤال: هل سنتخذ خطوة نحو تغيير واقعنا، أم سنبقى في نفس المكان؟ كل فرد يجب أن يسأل نفسه: ماذا سأفعل في ظل هذه الظروف؟ هذا السؤال يعد المفتاح للعثور على بدائل وحلول متعددة.
تغيير الذات بدلاً من الآخرين
الكثير من الناس يتعاملون مع أنفسهم كأنهم كائنات ثابتة، غير قادرة على التغيير. لكن الحقيقة هي أن كل فرد قادر على التغيير، لأننا نملك القدرة على إعادة النظر في خياراتنا واتخاذ قرارات جديدة. يجب أن نسأل أنفسنا: هل أريد أن أغير من نفسي وأسير في طريق جديد؟ عندما نكون في طريق مسدود، يجب أن نفكر في أساليبنا الحالية ونسأل أنفسنا إذا كان بإمكاننا تغييرها.
الظروف ليست حتمية
لا يوجد ما هو صحيح أو خاطئ، بل يجب أن نركز على ما سنفعله في ظل هذه الظروف. الأشخاص الذين ينسبون بؤسهم إلى الظرف يعيشون كضحايا، ولا يحترمون إرادتهم. إنهم يتوقعون من الآخرين أن يعملوا من أجلهم في حين أن الآخرين مشغولون بأنفسهم. لذا، من حقك أن تهتم بنفسك وأن تتخذ قرارات تتعلق بمصيرك.
الاستعادة والتحكم في الحياة
من المثير للدهشة أن هؤلاء الأشخاص يبذلون جهدًا كبيرًا في محاولة تغيير الآخرين، وهذا جهد لا طائل من ورائه، إذ لا يمكن تغيير الآخر إلا إذا أراد هو ذلك. بدلًا من الانشغال بتغيير الآخرين، يجب أن نبقى في ملعبنا ونفكر في خياراتنا وبدائلنا. اختر ما يناسبك، واستعد لاستعادة سيادتك على نفسك، مما سيمكنك من تحقيق المزيد من السعادة والتطور الذاتي.
حياة قلبي 6 الحلقة 33