مفهوم الديمقراطية
تعريف الديمقراطية لغةً
تعتبر كلمة الديمقراطية (بالإنجليزية: Democracy) كلمةً يونانيةً تتكوَّن من مقطعين؛ المقطع الأول (Demos) ويعني الناس أو الشعب، والمقطع الثاني (kratein) ويعني الحُكم، وبذلك يشير مفهوم الديمقراطية لغةً إلى حُكم الشعب أو حُكم الأغلبية.
تعريف الديمقراطية اصطلاحاً
تُعرَّف الديمقراطية اصطلاحاً بأنّها نظام الحُكم، حيث تكون السلطة العليا بيد الشعب، الذي يمارس سلطاته بشكلٍ مباشرٍ، أو عن طريق مجموعة من الأشخاص يتمّ انتخابهم لتمثيل الشّعب بالاعتماد على عمليةٍ انتخابيّةٍ حرةٍ، حيث ترفض الديمقراطية جعل السلطة كاملةً ومُركَّزة في شخصٍ واحد، أو على مجموعة من الأشخاص كالحكم الدكتاتوري، أو الأوليغارشية (حكم الأقليات).
وقد عرَّفها الرئيس أبراهام لينكون بأنها "حكم الشعب، من قبل الشعب، ومن أجل الشعب"، وفي العصر الحالي أصبح نظام الحُكم الديمقراطي هو النظام المُفضَّل للحكم في جميع المجتمعات؛ ويرجع ذلك إلى إمكانية أفراد المجتمع التعبير عن خياراتهم اتجاه كلٍ من إدارة الحُكم العام في البلاد، وتوزيع الموارد، والمشاركة بشأن العمليّة الإداريّة.
تعريف الخبراء للديمقراطية
يختلف مفهوم الديمقراطية تبعاً لمكان ووقت وظروف استخدامه، وفيما يلي توضيح لمفهوم الديمقراطية كما عرّفها بعض الخبراء:
- جيم كيلكولين: يرى جيم كيلكولين أنّ الديمقراطية تعني الحُكم من قِبل الشّعب نفسه، وأنها تُناقض حكم الأقليات، كما بيّن أنّ أيّ مدينة ديمقراطية ينبغي أن تتوفّر فيها المعايير التالية:
- خضوع شؤون المدينة لمجلس النواب.
- أن تكون عملية اتّخاذ القرارات مبنيّة على تصويت الأغلبيّة من الشّعب.
- أندرو هيوود: وضّح أندرو بأنّ للديمقراطية أشكالاً متعدّدةً، وعرّفها بكونها المشاركة الفعّالة ما بين الحكومة والشّعب، وتعاونهما من أجل تحقيق المصلحة العامة للبلاد.
- الدكتور جون هيرست: يشير الدكتور جون هيرست إلى أنّ الديمقراطية هي تمتّع المجتمع بحقّ السّيادة الكاملة.
- جوزيف شومبيتر: يرى جوزيف شومبيتر أنّ الديمقراطية عبارة عن نظام مؤسسيّ يهدف إلى تمكّن الأفراد من اتِّخاذ قراراتٍ سياسيّةٍ بالاعتماد على التّصويت.
تمّ تطبيق الديمقراطية بشكلٍ بدائيّ في أنحاءٍ مختلفة من العالم منذ القِدم، إذ كانت أشكال الحُكم الاستبداديّة والأقليات هي أشكال الحُكم المنتشرة في ذلك الوقت، وتعود بداية تطبيق الديمقراطية إلى الإغريق والرومان، حيث تمّ تطبيق أول نموذج رسميّ للديمقراطية في المدينة اليونانيّة أثينا في القرن الخامس قبل الميلاد، وقد تميّز النموذج الأثينيّ عن باقي الأنظمة بتطبيق الديمقراطية المباشرة، والتي تتمّ من خلال اجتماع أفراد الشعب، ومناقشتهم مسائل الحكومة، وتنفيذ القرارات السياسية دون الحاجة لانتخاب ممثّلين عنهم، وما ساعد على نجاح هذا النّوع هو سهولة تطبيقه، بسبب قلّة أعداد المشاركين بشكلٍ مباشر في السياسة، ففي ذلك الوقت كان الذكور فقط هم من يشاركون في السياسة، بينما يتمّ استبعاد كلٍّ من: النساء، والعبيد، والأطفال، والمواطنين الأجانب، وقد طُبقت الديمقراطية الأثينية من ثلاث جهات، وهي: جمعية ديموس، ومجلس الخمسمئة، ومحكمة الشعب، وتم تشريع القوانين من خلال مجلس الخمسمئة، وجمعية ديموس، ومجموعة من المجالس المخصّصة للتّشريع.
تمّ ممارسة الديمقراطية في ماجنا كارتا في إنجلترا عام 1215م، ففي ذلك الوقت تمّ إصدار وثيقةٍ سمّيت بالوثيقة العظمى، والتي نصّت على حماية الشعب من سوء المعاملة التي كانوا يتعرّضون لها من قِبل الإقطاعيين، بل وتُعرِّض الملك للمساءلة القانونية.
خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر بدأت الديمقراطية بالانتشار، وفي الوقت الحالي انتشرت الديمقراطية بأشكالها المختلفة في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك يصعُب وجود نظامين للديمقراطية متماثلين تماماً، كما يصعُب إيجاد نموذج ديمقراطيّ واحد؛ حيث ظهرت أشكال مختلفة للديمقراطية، مثل: الديمقراطية الفدرالية، والرئاسية، وتلك التي تعتمد على نسبة التّصويت، أو على تصويت الأغلبية.
يعدّ مفهوم الديمقراطية أشمل من الحرية، ويرجع السّبب وراء ذلك لكون الدّيمقراطية تشمل مجموعةً من الأفكار والمبادئ التي تتمحور حول الحرية، إضافةً لامتلاكها مجموعةً واسعةً من الإجراءات، والممارسات السياسيّة التي تشكّلت عبر فترات طويلة، ويجدر بالذكر أنّ هناك مجموعة من الأساسيات التي يجب أن يمتلكها المجتمع من أجل تسميته بالمجتمع الديمقراطيّ، والتي تمَّ اختبارها من قِبل كلٍ من حقوق الإنسان، والحكم الدستورية.
يُمكن دعم البُنية التحتية للديمقراطية من خلال بعض الركائز والأركان، المرتبة حسب أهميتها على النحو الآتي:
- الانتخابات: يتم إضافة الشرعية على الديمقراطية عن طريق الانتخابات النزيهة والحرّة، كونها وسيلة لمنع البعض من تفضيل مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، وتحدّ من احتكار السّلطة لصالح فئةٍ معيّنةٍ.
- التسامح السياسي: تكمُن أهميته في تحقيق التنمية المُستدامة، والتوصّل إلى عموم الفائدة على جميع الفئات المجتمعيّة، دون غضّ الطّرف عن أيّ منها.
- سيادة القانون: توجد علاقةٌ وثيقةٌ ما بين الديمقراطية وتطبيق القانون، إذ يُمكن للمواطنين الحُكم على شرعيّة الحكومة بعد إخضاع العملية السياسية للقوانين، ووضعها ضمن إطارٍ تنظيميّ.
- حرية التّعبير: تُدلّ حرية التعبير على حرية المجتمع، وتعدّ الصحافة الحرة التي تسمح للأفراد بمناقشة القضايا المختلفة دليلاً على ديمقراطية النظام السياسيّ التّابع لذلك المجتمع.
- المساءلة والشفافية: تعدّ الحكومة التي تمَّ انتخابها من قِبل الشّعب مسؤولةً أمامه، ومن أجل التحقّق من إنجازاتها وقيامها بواجباتها، كتقديم الخدمات الصحية، أو تسعير الوقود، أو غيرها من الإجراءات ينبغي وجود مؤسّساتٍ مُحايدةٍ في الدّولة لتقييم ذلك، كسلطاتٍ قضائيةٍ مستقلةٍ.
- اللامركزية: تُشجّع اللامركزية المواطنين ليصبحوا أكثر وعياً من أجل المشاركة في الديمقراطية، وتُسهم في تقليل نفوذ القوى السياسية، كما تشير إلى مدى اقتراب الحكومة من حُكم الشعب، ولنجاح الديمقراطية ضمن اللامركزية ينبغي توافر موارد بشرية وكفاءة مؤسسية، وتمويل لا مركزيّ.
- المجتمع المدني: يشمل المجتمع المدنيّ العديدَ من الأنشطة والمشاركات كالمجموعات التي تهتمّ بقضايا معينة، أو المنتديات المجتمعية، أوالأندية، أو الجمعيات الخيرية، أو النقابات، إضافةً لمجموعات واسعة من الأعمال التطوعيّة، وغيرها من النشاطات التي تندرج ضمن المجتمع المدني، والتي بدورها تساعد على نمو الديمقراطية الشعبيّة في المُجتمع.
توجد ثلاثة أنواع رئيسيّة للديمقراطية، وسيتمّ توضيحها كالآتي:
الديمقراطية المباشرة
تعدّ الديمقراطيّة المباشرة (بالإنجليزية: Direct Democracy) أحدَ أنواع الديمقراطية التي يتم فيها التّصويت من قبل الشعب على أيّ من القرارات السياسيّة بشكلٍ مباشرٍ ودون الحاجة لأيّ ممثلين عنهم، وأيّ قرار يصدر عن الحكومة يجب أن يُعرَض على المواطنين كي يتم التصويت عليه، ويكون لهؤلاء المواطنين الدّور الأول لتقرير مصير بلادهم، ومثال ذلك قضية رفع الضرائب، إذ لا يحقّ للدولة رفع قيمتها دون وجود دعم شعبي يؤيد هذا القرار، كما يستطيع المواطنون طرح القضايا التي تهمّهم، وتشكيل أحزابٍ عديدةٍ بناءً على اهتماماتهم، وذلك ضمن الديمقراطية المباشرة.
يُمكن تطبيق الدّيمقراطية المباشرة في الدّول الصّغيرة التي تتمتّع بكثافةٍ سكانيةٍ منخفضةٍ، ويقلّ فيها نسبة الجهل، إضافةً إلى أن يكون المجتمع بذاته متكافلاً ومتجانساً خاصةً فيما يتعلّق بالمجال السياسيّ، وتعدّ سويسرا من الدول التي تمارس هذا النوع من الديمقراطية بشكلٍ ناجحٍ، حيث يجتمع الشّعب في أيام محددة من أجل التصويت على القضايا التي تهمّهم، ويتم عرض وطرح القضايا من خلال أحزابٍ مختصةٍ بهذا الشأن.
الديمقراطية النيابية
تُعدّ الديمقراطية النيابية (بالإنجليزية: Representative Democracy) أو غير المباشرة هي الأكثر انتشاراً في جميع أنحاء العالم، وفي هذا النّوع يتم التّصويت لمجموعةٍ من الأفراد لتمثّل الشعب في البرلمان، حيث يتم الاستفادة من خبرات الأفراد الذين تمَّ انتخابهم من أجل صنع واتخاذ القرارات، بينما يُتابع باقي أفراد الشعب مهامه الأخرى، وهي بذلك تحمي حقوق الأغلبية من الشعب، وتُساعد على حماية حقوق الأقليات من خلال إتاحة فرصة انتخاب شخص ذي كفاءة عالية، إلا أنّ هذا النوع من الديمقراطية قد يتعرّض لمشاكل معينةٍ كانتخاب حكوماتٍ تفشل في تحقيق مصالح مواطنيها، وهنا من الضروريّ عمل مبادرات أو استفتاءات لحلّ هذه المشكلة، كتلك التي تُطبّق في الديمقراطية المباشرة.
الديمقراطية التعددية
ينضمّ الأفراد في الديمقراطية التعدّدية (بالإنجليزية: Pluralist Democracy) إلى مجموعاتٍ منظّمة لمناقشة القضايا السياسية المُشتركة، إذ يحدّد الفرد القضايا التي تهمّه، وينضمّ للمجموعات التي تناقش هذه القضايا من أجل دعمها، وتقوم المجموعات بدورها بكسب الدعم السياسي المهم من أجل الدفاع عن مصالحهم، ويُعدّ النظام السياسيّ الأمريكيّ من الأنظمة التي تُطبق الديمقراطية التعددية، فهو يتكوّن من مجموعات تؤثّر بشكلٍ كبيرٍ في القرارات السياسية التي يتم اتخاذها في البلاد، والتي تساهم في دعم مواقفهم اتّجاه قضيةٍ معينةٍ.
توجد عدّة أشكال للنظام الديمقراطيّ، منها:
- الديمقراطية الرئاسية: يتمّ انتخاب الرئيس في الديمقراطيّة الرئاسيّة (بالإنجليزية: Presidential Democracy)، ولا يُمكن تَنحيته إلّا من خلال إجراءاتٍ استثنائية، ويحقّ للرئيس الاعتراض على أيّ إجراءٍ قانوني، إلّا إذا ألغى المجلس التشريعيّ حقّه من الاعتراض عن طريق التّصويت.
- الديمقراطية البرلمانيّة: تعدّ الديمقراطية البرلمانية إحدى أشكال الديمقراطية النيابية، وفيها يتم انتخاب هيئةٍ تشريعيةٍ (البرلمان)، وإسناد السلطة إليها، وجدير بالذكر أنّ السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ترتبطان معاً بشكل وثيق، فبعد اختيار أعضاء السلطة التشريعيّة يتم اختيار الرئيس التنفيذي (رئيس الوزراء)، ويحقّ للمجلس التشريعيّ عزله عن طريق حجب الثّقة عنه، ويجدر بالذكر أنّ دمج كلٍّ من السلطة التفيذية والسلطة التشريعية معاً داخل البرلمان يساعد على توفير فرصة لأعضاء أيّ حزب على التصويت داخل البرلمان بناءً على أسسٍ حزبيّة.
- الديمقراطية الاستبداديّة: في الديمقراطية الاستبدادية يتم اختيار ما يسمى بالنُخبة، لتمثيل مصالح المجتمع، باعتبارهم جزءاً من العملية الانتخابية، وبعد اختيار المُرشّح يتم التصويت له من قِبل أفراد الدولة، الذين يقتصر دورهم على ذلك، فلا يُسمح لهم أن يكونوا من ضمن المُرشحين للتنافس على الانتخابات.
- الديمقراطية التشاركيّة: تُتيح الديمقراطية التشاركية إمكانيةً كبيرةً للمواطنين للمشاركة الواسعة في السياسة، واتّخاذ قراراتٍ سياسيةٍ، وهذا الشكل يختلف عن الديمقراطية المباشرة، فالديمقراطية المباشرة تُتيح للمواطنين إمكانية اتخاذ قراراتٍ سياسيةٍ مباشرة، باعتبارهم المسؤولين عن اتخاذ تلك القرارات، أمّا الديمقراطية التشاركية، فتُتيح فرصاً للمواطنين للتأثير على القرارات السياسية، وعدم اتخاذها بشكلٍ مباشرٍ.
- الديمقراطية الاجتماعية: ظهرت الديمقراطية الاجتماعية (بالإنجليزية: Social Democracy) في أواخر القرن التاسع عشر، بهدف إصلاح النظام الرأسمالي وتنظيم الدولة من خلال توفير الخدمات والرعاية، كالخدمات الصحية، وإتاحة التعليم لجميع المواطنين.
- الديمقراطية التمثيلية: تمّ إطلاق هذا المصطلح من قِبل العالم السياسيّ الأرجنتينيّ غويلرمو أودونيل، وقد عبّر عنه خلال مقالةٍ نشرَها عام 1999م، وتتضمّن الديمقراطية التمثيلية أنّ أيّ شخص يستطيع الوصول إلى الانتخابات الرئاسيّة والفوز بها يحقّ له أن يُمارس سلطاته وفق قناعاته، وما يراه مناسباً دون وجود أيّ تقييدٍ على سلطاته.
- الديمقراطية التداوليّة: تهتمّ الديمقراطيّة التداوليّة (بالإنجليزية: Deliberative Democracy) بمشاركة جميع أفراد المجتمع سواءً المواطنين، أو المقيمين فيه بصنع القرارات السياسية، والمشاركة في شؤون الحُكم، فهي ترى أن تلك القرارات يجب أن تقرّ بعد إجراء مناقشاتٍ منطقية ونزيهة بين جميع المواطنين، حيث تشجعهم على مناقشتها، واختبارها بشكلٍ ناقد، كما أنّها تهتم بعملية إيصال المعلومات لجميع مواطنين كي تكون متاحة لهم، وقابلة للنقاش، وتمتاز الديمقراطية التداوليّة بفعاليّتها بالوصول إلى أفكارٍ هادفةٍ، واستجابات، ونتائج غير متوقّعة من المواطنين، حيث تُحاول توجيه أسئلة تدفعهم للتفكير من أجل الحصول على نتائج ذات أهميّة.
- الديمقراطية الرقمية: يهتمّ هذا الشكل بالعالم الرقميّ، بحيث يستفاد من الوسائط الرقمية المختلفة عند ممارسة أشكال الديمقراطية المختلفة، سواءً تلك المتصلة بالإنترنت أو غير المتّصلة به.
- الديمقراطية الدستورية: هي نظام حكم قائم على السّلطات الشعبية، ويعدّ الدستور المسؤول عن كلّ ما يتعلق بالحكومة والسياسة كالسلطات الدستورية.
- الديمقراطية غير الدستورية: تُتيح الديمقراطية غير الدستورية للحكومة اتخاذ أيّ قرار دون رقابة، الأمر الذي قد يؤدي إلى انتهاك البعض منها حقوق الأفراد دون تعرّضها للمساءلة أو العقاب، لكون هذا الشكل لا يخضع لأيّ قواعد دستوريةٍ تضبطه.
- الديمقراطية الفدرالية: يتم تقسيم السلطات دستورياً بين الوحدات السياسية (المقاطعة أو الولاية) وسلطة الحُكم المركزيّة، حيث يُسمَح لكلٍ منهما فرض مجموعةٍ من القوانين والقرارات على المواطنين دون السماح للحكومة الوطنية التدخّل دون موافقتهم.
- الديمقراطية الوحدوية: يتم إدارة السلطة الدستورية من قِبل حكومة مركزية واحدة، علماً أنّ الحكومة المركزية تضمّ مجموعةً من الأقسام الإدارية التي تُمارس القرارات والصلاحيّات الصادرة عن الحكومة المركزية فقط.
- الديمقراطية الليبرالية: تستند الديمقراطية الليبرالية على الأيدلوجيات الليبرالية الكلاسيكية التي تدعو إلى الحريات على المستويين الاقتصاديّ والمدنيّ ضمن مبادئ سيادة القانون، ويتمتّع الأفراد في ظلّ هذه الديمقراطية بالعديد من الحقوق، كالحق في المشاركة في الأنشطة السياسيّة، والتصويت، والحق في التملُّك، وللديمقراطية الليبرالية أشكال عديدة، كالنّظام البرلماني، والملكية الدستورية أو الجمهورية، والنظام الرئاسيّ.
- الديمقراطية الشمولية: تمَّ تطوير الديمقراطية الشمولية من قِبل المؤرخ جاكوب تلمون، والذي يؤمن بأنّ الديمقراطية الشمولية تُتيح للحكومة فرض سيطرتها على جميع المواضيع المتعلقة بالمواطنين، دون إشراكهم أو الحصول على تأييدهم، وأيّ محاولة للاعتراض يتمّ مواجهتها، بحجة حفاظ الحكومة على المصلحة العامة.
تتميّز المجتمعات التي تطبّق نظام الحكم الديمقراطيّ بعددٍ من المزايا، أهمّها:
- إعداد مواطنين صالحين: تعد الديمقراطية نظاماً سياسياً مثالياً، يهدف لإعداد مواطنين صالحين من خلال توفير بيئةٍ مثاليةٍ تساعد على اكتساب الصفات الحميدة، وتنمية شخصية إيجابية، كما يوفّر النظام الديمقراطي مجالاً كبيراً للأفراد لمعرفة حقوقهم وواجباتهم كاملةً.
- حماية مصلحة المواطنين: وهذا من خلال منحهم الحق في التصويت لمن سيمثلونهم في الحكومة، وذلك ضمن مختلف القضايا سواءً السياسية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية، وحمايتهم من تطبيق قرارات لا يوافقون عليها.
- تحقيق المساواة: تتعامل الدولة الديمقراطية مع جميع مواطنيها بشكلٍ متساوٍ، وتضمن لهم حقوقهم السياسيّة، والاقتصاديّة، والاجتماعيّة، كما تحقّق العدالة والمساواة أمام القانون، وتمنع التمييز بين الأفراد، بسبب اختلاف الديّن، أو الطبقة، أو الجنس، أو غيرها من الأمور.
- منع احتكار السلطة: تمارس الحكومة صلاحيّتها ضمن فترةٍ معينةٍ، بحيث يتمّ التأكّد من أنّ سياسات الحكومة تسير بما فيه صالح الشعب.
- استقرار الحكومة والتزامها بالمسؤولية: يتم انتخاب الحكومة في ظلّ الديمقراطية عن طريق الانتخاب، الأمر الذي يجعل الحكومة المُنتخبة أكثر مسؤولية، بحيث يؤدي أفرادها واجباتهم على أكمل وجه، هذا فضلاً عن أنّ مناقشة القضايا، والمشاكل المختلفة، ودراستها يساهم في اتّخاذ القرارات المناسبة، ممّا يُنتج حكومةً فعّالةً، وثابتةً، ومستقرّةً.
- تعزيز التغيير: يُساعد النظام الديمقراطيّ وصول المواطنين لمرحلة الرضا من خلال مشاركتهم في اختيار الحكومات، وإمكانية تغييرها.
- تنمية الوعي السياسي للشعب: عند إجراء الانتخابات يقترح المرشحون والأحزاب السياسية برامج وسياسات، تُنشَر عبر وسائل الاتصال المتنوعة، من أجل كسب تأييد المواطنين، ممّا يزيد من الوعي السياسيّ لديهم.
بالرغم من مزايا النظام الديمقراطي إلّا أنّ هناك بعض المساوئ التي قد تنتج عند تطبيق الديمقراطية، وهي:
- يحتاج إصدار القرارات وتنفيذها في النظام الديمقراطيّ، وصياغة القوانين إلى وقتٍ طويلٍ مقارنةً مع الأنظمة التي تتّخذ القرارات وتنفّذها دون الحاجة للتّصويت.
- يُمكن إضاعة الكثير من الأموال من أجل دعم الحملات الانتخابية، ويزداد الأمر سوءاً عند تولّي أفراد غير مسؤولين مراكز السلطة، يساهمون في خسائر المال العام دون الاهتمام بمصلحة الوطن.
- قد يلجأ بعض الأفراد إلى ممارساتٍ غير أخلاقية وفاسدة من أجل الوصول إلى السلطة، لتحقيق مصالحهم الشخصيّة دون الاهتمام بمصلحة المواطنين.
- يركّز النّظام الديمقراطيّ على توفير عددٍ كبيرٍ من الخدمات دون الاهتمام بجودتها في بعض الأحيان، فضلاً عن أنّ توفير الخدمات قد يتمّ بشكل غير عادل بين الفقراء والأغنياء.
- قد يتم انتخاب أفراد غير مسؤولين وغير قادرين على إدارة الحكومة في ظلّ الظروف الاجتماعيّة والسياسيّة في بلدانهم، وهذا يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير سليمة، ومخالفة لمصلحة الوطن.
- قد يتم ممارسة أمور غير أخلاقية من قِبل المرشحين للحصول على نسب عالية من الأصوات، كإساءة استخدام المال للحصول على أصوات أكثر، أو استخدام القوة للتأثير على الشعب، أو تشويه صورة أحد المرشحين والأحزاب المنافسة.
تهدف الديمقراطية إلى الآتي:
- تحقيق المساواة بين جميع المواطنين عند تحقيق مصالحهم، وأخذ آرائهم بعين الاعتبار دون الانحياز لأحد.
- حماية الحريات العامة بمختلف أنواعها وحقوق الإنسان.
- تطبيق النظام الديمقراطيّ يُساعد على استبعاد أنظمة الحكم الدكتاتورية والاستبدادية، ويغني عن تطبيقها في المجتمعات.
- حُكم الشعب نفسه بنفسه، فالدّيمقراطية تُتيح للشّعب إمكانيّة اختيار حكومته، وبالتالي فإنّ مدى رضاه عن الحكومة يرتبط باختياراته، لأنه هو صاحب القرار في هذا الاختيار.
يوجد اختلاف بين كلٍّ من الشيوعية والديمقراطية والرأسمالية، إذ إنّ كلاً من تلك المفاهيم يُشير إلى نظام مُختلف عن الآخر، فالرأسمالية هي نظام اقتصادي تكون فيه مُلكيّة وسائل الإنتاج المتنوعة الخاصّة بالمجتمع تابعة لأفراد أو لمنظمات خاصة، ولا يحق للحكومة تملّكها، أو تحديد أسعار المنتجات أو طريقة توزيعها، بل يتم ذلك عن طريق المنافسة في السوق الحرّة. وهذا يتعارض مع المبدأ الذي يقوم عليه النظام الاقتصادي الشيوعي، والذي يعتبر نظاماً سياسياً واقتصادياً في ذات الوقت، أمّا الديمقراطية فلا تُعد نظاماً اقتصادياً كالرأسماليّة والشيوعيّة، إنّما تُعد نظاماً حكومياً، تكون فيه السلطة بيد الشعب، حيث يمارس الشعب سلطاته من خلال اختيار من يُمثّلهم بعد إجراء انتخاباتٍ حرةٍ بشكلٍ دوري.
تمّ اختيار الخامس عشر من شهر أيلول من كل عام ليكون اليوم الدوليّ للديمقراطية، وخلال هذا اليوم يتم تقييم الوضع الديمقراطيّ في أنحاء العالم، ومن أجل الوصول إلى المستوى المثاليّ وبشكلٍ واقعيّ للديمقراطية، فمن المهم اعتبار الديمقراطية عمليةً كاملةً، وليست مجرد هدف ينبغي تحقيقه، لذا لا بدّ من تضافر ودعم جهود كلٍ من: المجتمع الدولي، وهيئات الإدارة الوطنية، والأفراد، والمجتمع.
هل تعرف معنى هذه الكلمة يونانية الأصل؟ يجب أن تعرفها لأنها السبب الأول لحكم الشعب! :