تُعدّ الحروب من أكثر التجارب صعوبة التي يمكن أن يمر بها الإنسان، حيث تتجاوز معاناتها جميع التجارب السابقة. إن الألم والمعاناة الناتجة عن الصراعات المسلحة لا يمكن التغلب عليها بسهولة، إذ يتعرض الأفراد لاضطرابات نفسية عميقة قد تؤثر على حياتهم على المدى الطويل، سواء كانوا بالغين أو أطفالًا. هذه الاضطرابات النفسية لا تظهر بشكل فوري لدى الجميع، بل تتكشف مع مرور الوقت بعد انتهاء الصراع، كما يحدث حاليًّا في حرب غزة التي لا تزال مستمرة.

تُعتبر حرب غزة من النزاعات الطويلة التي خاضها الشعب الفلسطيني، وخاصة سكان غزة، حيث طالت الأضرار كل شيء، بدءًا من الشجر وانتهاءً بالبشر. لقد خلفت هذه الحرب العديد من الجروح والمآسي المروعة، نتيجة الأصوات المدوية للقنابل والانفجارات، وصور الموت والدمار، والنزوح المتكرر. ومن نجا من هذه الحرب يواجه تغييرات جذرية في حالته النفسية، مما يؤدي إلى بروز اضطرابات نفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة، الذي يحمل معه آثارًا نفسية قاسية.

في هذا المقال، سنستعرض مفهوم الاضطرابات النفسية وأنواعها وأعراضها. كما سنسلط الضوء على أهم الاضطرابات النفسية الناتجة عن الحروب، ونقدم تفاصيل حول اضطراب ما بعد الصدمة. وفي النهاية، لن نتركك دون الحلول، بل سنقدم استراتيجيات لعلاج الصدمة النفسية التي يعاني منها الأفراد بعد انتهاء الحروب، بالإضافة إلى اختبارات حاكيني المتنوعة وخدمات الاستشارة النفسية المناسبة.

ما هي الاضطرابات النفسية؟

الاضطرابات النفسية، المعروفة أيضًا بالاضطرابات العقلية، هي أنماط سلوكية ونفسية تنتج عن شعور الفرد بالضيق أو العجز. تؤثر هذه الاضطرابات على تفكير الشخص وسلوكه وانفعالاته، وقد تسبب انحرافات عن الوضع الطبيعي للصحة النفسية. قد تؤدي هذه الاضطرابات إلى صعوبات في ممارسة الأنشطة اليومية والتفاعل الاجتماعي، وتختلف شدتها من شخص لآخر، حيث يمكن أن تكون مؤقتة أو مزمنة.
أرض الحب الجميل الحلقة 1

تشمل الاضطرابات النفسية مجموعة واسعة من الحالات، مثل الاكتئاب، والقلق، واضطرابات الفصام، واضطرابات الأكل، واضطراب ما بعد الصدمة، والاضطرابات الشخصية.

أنواع الاضطرابات النفسية:

  • اضطراب القلق
  • اضطراب ثنائي القطب
  • انفصام الشخصية
  • اضطراب السلوك الفوضوي
  • اضطراب الأكل
  • اضطراب الوسواس القهري
  • الاكتئاب والعديد من الاضطرابات الأخرى

أعراض الاضطرابات النفسية:

لكل نوع من أنواع الاضطرابات النفسية أعراض محددة تميزه، إلا أن معظم هذه الاضطرابات تشترك في بعض الأعراض العامة، بما في ذلك:

  • الشعور بالحزن أو الاكتئاب وتقلبات المزاج الحادة بين الحزن والغضب والقلق.
  • التفكير المشوش أو انخفاض القدرة على التركيز، مع تزايد الأفكار السلبية والشعور باليأس.
  • المخاوف أو الهموم المفرطة، أو الشعور بالذنب الشديد.
  • الأوهام والهلاوس: رؤية أو سماع أشياء غير موجودة في الواقع.
  • التغيير في السلوك الاجتماعي، مثل الانسحاب من الأصدقاء والأنشطة الاجتماعية.
  • السلوك العدواني الذي قد يقود الفرد إلى التورط في مشاكل وعنف.
  • التعب الشديد أو انخفاض الطاقة، أو مشاكل في النوم.
  • الانفصال عن الواقع أو الشعور بالهلاوس.
  • عدم القدرة على التعامل مع المشاكل اليومية أو التوتر الناتج عن الروتين اليومي.
  • مشاكل مثل إدمان الكحول أو المخدرات.
  • التفكير الانتحاري أو التفكير في إيذاء النفس.
  • التراجع عن الهوايات وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانت تُسعد الشخص.
  • مشاكل النوم والأرق الدائم.

الأحداث التي تؤدي إلى الاضطرابات النفسية الناجمة عن الحرب:

  • التعرض للقصف وأصوات الانفجارات الضخمة والدمار.
  • التهجير والنزوح القسري.
  • التعرض للضرب والتعذيب.
  • التعرض للاغتصاب الجنسي.
  • فقدان أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء.
  • التعرض للأسر.
  • مشاهدة الدمار وأشلاء الأطفال والبالغين والمصابين.
  • عدم الحصول على الاحتياجات الأساسية مثل الماء والطعام والدواء.

أهم الاضطرابات النفسية الناجمة عن الحروب:

يتعرض الأفراد في الحروب لأحداث مؤلمة وصادمة، مثل رؤية الموت وفقدان الأحبة. كل هذه العوامل تُسبب آثارًا نفسية عميقة تؤثر على الأفراد والمجتمعات، خاصةً في غزة التي تعاني بشكل كبير على الأصعدة الاجتماعية والنفسية. من بين هذه الاضطرابات:

اضطراب الاكتئاب والحزن: الأفراد الذين عاشوا تجربة الحرب في غزة يعانون من حزن شديد نتيجة فقدان الأحبة، مما يؤدي إلى الاكتئاب وفقدان الرغبة في الحياة.

اضطراب الخوف والقلق المزمن: يعيش الأفراد في ظل الخوف والقلق المستمر، مما يؤثر على صحتهم النفسية والجسدية.

اضطرابات النوم: تشمل الأرق والكوابيس، مما يزيد من القلق ويؤثر على القدرة على التركيز.

اضطرابات التكيف مع التغيرات الحياتية: يواجه الأفراد صعوبة في التكيف مع الحياة الطبيعية بعد الحرب، خاصة أولئك الذين تعرضوا للنزوح.

اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD): يعتبر من أكثر الاضطرابات شيوعًا بين من شهدوا أحداث الحرب، حيث يعانون من كوابيس واسترجاع متكرر للأحداث الصادمة.

أعراض اضطراب ما بعد الصدمة:

تشمل الأعراض:

  1. تغيرات في التفكير والمزاج، حيث يصبح التفكير سلبيًا.
  2. ردود فعل جسدية وعاطفية مثل الإحباط والغضب.
  3. استرجاع التجارب الصادمة بشكل متكرر مع مشاعر من خوف وقلق.
  4. اليقظة المفرطة وصعوبة الاسترخاء.
  5. الابتعاد عن الأماكن أو الأنشطة التي تذكر بالفترة الصادمة.
  6. ردود فعل جسدية مثل التعرق السريع ونبضات القلب المتسارعة.

يمكنك التعرف على حالتك من خلال اختبار اضطراب ما بعد الصدمة في حاكيني.

الأضرار النفسية للحرب على الأطفال:

تأثير الحرب على الأطفال يعدّ أكثر خطورة، حيث أنهم أقل قدرة على فهم الأحداث الصادمة. تظهر عليهم أعراض مثل القلق والسلوك العدواني، والانسحاب من الأنشطة اليومية. قد تستمر هذه الأضرار لفترة طويلة، مما يؤثر على صحتهم الجسدية والنفسية.

للتعرف أكثر على الاضطرابات النفسية والسلوكية للأطفال في غزة، يمكنك النقر هنا.

علاج الصدمة النفسية الناتجة عن الحرب في غزة

بعد انتهاء الحرب، من الضروري أن يولي الأفراد اهتمامًا لصحتهم النفسية. يُعتبر التوجه إلى الاستشاريين النفسيين خطوة مهمة. يمكن للأفراد الحصول على جلسات استشارات نفسية أون لاين، أو زيارة عيادات الصحة النفسية.

يمكنك أيضًا مساعدة نفسك من خلال الانخراط في الأنشطة المجتمعية والعمل التطوعي، والتواصل مع الأصدقاء لتجنب العزلة.

لا تنسى تنزيل تطبيق حاكيني للتواصل بسرية وسهولة، والحصول على الدعم اللازم للاستمرار في الحياة بشكل إيجابي.

إذا كنت تعاني أو تلاحظ أعراض اضطرابات نفسية لدى أحد أفراد أسرتك، فلا تتردد في توجيههم نحو برامج المساعدة الذاتية المتاحة.