تأثير العولمة على المجتمع العربي
تصف العولمة العملية التي تنتشر من خلالها المعرفة، والمعلومات، والسلع، والخدمات في جميع أنحاء العالم، وفي الأعمال التجارية، يستخدم المصطلح في سياقٍ اقتصادي؛ لوصف الاقتصادات التي تتميز بالتجارة الحرّة، وتدفّق رأس المال بين البلدان، إضافة إلى سهولة الوصول للموارد الأجنبية، وتساهم العولمة في زيادة التفاعل والتكامل والتكافل المتبادل بين الدول، وكلّما زاد التشابُك بين دول ومناطق العالم سياسيًا، وثقافيًا، واقتصاديًا، أصبح العالم أكثر عولمة.
تنقسم العولمة إلى عدة أنواع، وهي كالآتي:
- العولمة الاقتصادية: وهي تشير إلى تكامل الأسواق المالية والدولية وتنسيق التبادل المالي بينها، وتلعب الشركات متعددة الجنسيات، التي تعمل في بلدين أو أكثر دورًا كبيرًا في العولمة الاقتصادية.
- العولمة الثقافية: يركز هذا الجانب من العولمة في جزء كبير منه على العوامل التكنولوجية والاجتماعية التي تساهم في تقريب الثقافات؛ مما يساعد على سهولة الاتصال والتواصل، مثل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي قربت العالم من بعضه.
- العولمة السياسيّة: يغطي هذا النوع من العولمة جميع السياسات الوطنية التي تجمع العالم سياسيًا، واقتصاديًا، وثقافيًا، ومن نواتج جهود العولمة السياسية ظهور المنظمات العالمية، مثل منظمة الناتو، ومنظمة الأمم المتحدة.
تأثّر المجتمع العربي من العولمة بشكل كبير، ويمكن تلخيص بعض الآثار العامة للعولمة على العالم العربي كما يأتي:
التأثير على طريقة اللباس
كان أسلوب اللباس العربي التقليدي يعكس طابع التواضُع ، لكن بعد اجتياح العولمة وتأثيرها على المجتمع العربي، بدأ النمط التقليدي في اللباس بالاختفاء، وتم استبداله بالأنماط الغربية، حيث أصبح اللباس العربي التقليدي في كثير من المجتمعات العربية يقتصر على كبار السنّ، أما الشباب فقد بدأوا بتفضيل نمط اللباس الغربي، كالقمصان، والجينز، والفساتين ذات الطابع الغربي؛ وأثر ذلك كثيرًا على الثقافة العربية، حيث هيمنت الثقافة الغربية على الشعوب العربية وأسلوب لباسهم.
التأثير على اللغة
تعدّ اللغة من الخصائص المهمة لأي حضارة؛ فهي تُسخدم للتواصل بين أفرادها، ويساهم التواصل في نقل السمات الثقافية من جيل لآخر، وبسبب التدخل المفرط للثقافة الغربية والعولمة في اللغة العربية؛ فقد تأثرت بشكل كبير، حيث إنها ابتعدت عن ما كانت عليه، إضافة إلى زيادة استخدام اللغة الإنجليزية بدلًا منها، ولكون اللغة الإنجليزية سهلة التعلم زاد انتشارها في المنطقة العربية، وبسبب تفضيل كثير من العرب اللغة الإنجليزية، وإعطائها جُلّ الاهتمام والأولوية، ورؤية البعض أن اللغة الإنجليزية لغة متفوقة تمنح مكانة مرموقة في المجتمع؛ فقد تدهورت حالة اللغة العربية كثيرًا.
التأثير على الهوية
تكمُن هوية الأفراد في ثقافتهم وتقاليدهم، التي تشمل القيم والمعتقدات والعادات والطقوس واللباس واللغة والطعام والفنون والحرف والرقص والموسيقى وغيرها، ويمكن ملاحظة وتمييز الثقافة في سلوكيات الأفراد وخصّائصهم، وأدّت العولمة إلى هجر كثير من سِمات الثقافة العربية، واستبدالها بأخرى غربية؛ ما يعكس طابعًا مختلفًا عن ماهيّة الحضارة والثقافة العربية، ويعطي وصفًا خاطئًا عن شكلها الحقيقي.
التأثير على التراث العربي
تُقدم العولمة والتحديث العديد من الفوائد للمجتمع العربي في نواحي التكنولوجيا، والتنمية الاقتصادية، كما أنها خدمته بشكل جيد في الإطار السياسي، ولكن من ناحية أخرى، فقد أضرّت العولمة كثيرًا بالتراث الثقافي العربي، حيث تم استبدال أشكاله وسماته، من فنون كالرّقص والموسيقى، أو من أدب ولغة، أو من طعام ولباس، إلى سمات من ثقافات مختلفة، غيّرت من شكله التقليدي.
رغم ما تحمله العولمة من سلبيات تأثرت بها المجتمعات، إلّا أن هناك كثيرًا من الفوائد ارتبطت بها، وهي كالآتي:
- التعّرف على ثقافات جديدة: ساهمت العولمة في التعّرف والوصول إلى ثقافات جديدة أكثر من أي وقت سابق، فمثلًا مكنتنا من اكتشاف وتجربة أطعمة جديدة ومختلفة، والاستمتاع بفنون وموسيقى ثقافات أخرى.
- انتشار التكنولوجيا والابتكار: سهّلت العولمة الاتصال والتواصل بين مختلف دول العالم، وهو ما ساهم بتناقلٍ أكبر وأسرع للمعرفة؛ الأمر الذي ساهم في تسريع التقدم التكنولوجي وتطوره.
- انخفاض تكاليف المنتجات: توّفر العولمة طرق مختلفة للشركات لخفض تكلفة الإنتاج، كما أنها تزيد من المنافسة العالمية، مما يؤدي لانخفاض الأسعار، والمساهمة في خلق مجموعة متنوعة أكبر من الخيارات للمستهلكين.
- رفع مستوى المعيشة: فقد شهدت الدول النامية تحسنًا في مستوى المعيشة، وساهمت العولمة بشكل كبير في ذلك؛ فوفقًا للبنك الدولي، انخفضت نسبة الفقر المُدقع 35% منذ عام 1990 م.
- الوصول إلى مواهب جديدة: فقد سهلت العولمة على الشركات إيجاد مواهب جديدة ومتخصّصة غير متوفرة في أسواقها الحالية.