تأثير الصحة النفسية على الأبناء
الغياب في حضور المرض النفسي يمكن أن يكون له آثار عميقة ومؤلمة على الأسرة بأكملها، وخاصة الأطفال. تظل هذه الحقيقة مؤلمة عندما نسمع عن أطفال يسألون ببراءة عن عودة والديهم إلى طبيعتهم، كما حدث مع ولد في الصف الرابع سألني: "متى تعود أمي إلى ما كانت عليه؟" كانت تلك الكلمات كالسهم الذي اخترق قلبي، حيث كان الطفل يتحدث عن والدته التي تعرضت لنوبة ذهانية حادة، مما أدى إلى تغيرات جذرية في سلوكها ومكانتها كأم. لقد أصبحت الأم خطيرة، تحرق ستائر المنزل وتثور في نوبات غضب، ومع مرور الوقت وبعد العلاج النفسي، تحولت إلى شخص منسحب اجتماعيًا، غارق في أفكارها، مما أفقدها القدرة على رعاية أبنائها.
كيف تؤثر مشاكل الصحة النفسية للوالدين على الأبناء؟
- تؤثر مشاكل الصحة النفسية للوالدين على الأطفال بطرق مختلفة، وذلك بسبب عدم فهم الأطفال لطبيعة هذه المشاكل وصعوبة إدراكها مقارنة بالأمراض الجسدية. كما أن الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالصحة النفسية قد تؤثر على الوالد المصاب والأسرة بصورة عامة.
- تختلف آثار مشاكل الصحة النفسية على الأطفال حسب شدة ونوع الاضطراب الذي يعاني منه أحد الوالدين، بالإضافة إلى عمر الطفل ومرحلة نموه، حيث تشكل هذه العوامل أهمية كبيرة في تحديد مدى تأثير المشكلة عليهم.
- يمكن للعديد من الآباء الذين يعانون من مشاكل نفسية بسيطة التحكم في أعراضهم وتقليل تأثيرها على أطفالهم، خاصة إذا كانوا يتلقون علاجًا نفسيًا يساعدهم. ومع ذلك، في حالات الاضطرابات النفسية الشديدة، أو في حال وجود ظروف إضافية مثل الطلاق أو الصعوبات المالية أو العنف المنزلي، قد تتأثر قدرتهم على التعامل مع الحياة الأسرية بشكل كبير.
- قد يحتاج بعض الآباء الذين يعانون من مشاكل نفسية إلى دعم إضافي في التعامل مع روتين الحياة اليومية، مثل الأعمال المنزلية وإعداد الطعام وتلبية احتياجات المدرسة.
- يواجه هؤلاء الآباء صعوبة أيضًا في التحكم في مزاجهم وعواطفهم تجاه أطفالهم، مما يؤثر على قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الجسدية والعاطفية.
- إذا لم يحصل الآباء على الدعم الكافي من العائلة والأصدقاء أو المحترفين، فقد تتفاقم هذه التحديات، مما قد يعرض الأطفال لمخاطر العنف أو الإهمال.
كيف نعرف أن الطفل يتأثر سلبيا بمشكلة والده/ته النفسية؟
للأسف، يمكن أن تؤدي بعض الأمراض النفسية الشديدة إلى تغيير جذري في شخصية الإنسان، مما يؤثر سلبًا على قدرته على رعاية أبنائه. لذلك، من الضروري تقييم دور الوالد الذي يعاني من الاضطراب النفسي. يجب علينا أن نسأل عن احتياجات الأطفال، وعن كيفية إدراكهم للتغيرات التي طرأت على والديهم.
تشمل العلامات التي تشير إلى أن الطفل قد يحتاج إلى دعم نفسي إضافي ما يلي:
التوت الأسود الحلقة 1
- القلق الشديد حيال حالة والديهم.
- تولي مسؤوليات رعاية الوالدين من قبل أفراد الأسرة الآخرين بشكل كامل أو دائم.
- وضع احتياجات الوالد المريض فوق احتياجاتهم الأساسية.
- الشعور بمشاعر سلبية مثل الخزي أو الإنكار حول حالة والديهم.
- وجود صعوبة في تكوين علاقات اجتماعية والشعور بالعزلة أو التعرض للتنمر.
- عدم القدرة على التحدث مع الوالدين أو شخص بالغ موثوق به حول مخاوفهم.
دعم الدور الوالدي
الهدف من تقييم دور الوالدين ليس حرمانهم من أطفالهم، بل لفهم مستوى العجز الذي قد يكون موجودًا ومناقشة الحلول الممكنة لسد الفجوة التي تسببها المشاكل النفسية. يشمل ذلك إشراك الأقارب مثل الأعمام أو الخالات أو الجدات لدعم الأسرة.
يساهم دعم الدور الوالدي في تحسين الصحة النفسية للوالدين، لذلك من المهم طرح أسئلة تتعلق بالوالدية مع كل مريض: هل لديك أطفال؟ ما هو دورك في حياتهم اليومية؟ كيف تؤثر تفاعلاتك معهم على أعراضك النفسية؟ هذه الأسئلة تفتح باب الحوار لتفعيل دورهم الإيجابي في حياة أطفالهم.
ما الذي يمكن أن يساعد في حالة إصابة أحد الوالدين باضطراب نفسي؟
- إدراك الآباء لمشاكلهم واستعدادهم لقبول المساعدة من الآخرين.
- طلب المساعدة من الأقارب والأصدقاء في رعاية الأطفال وأداء المهام المنزلية.
- تنسيق المساعدات لمواجهة التحديات الأخرى مثل الدعم المالي والحماية من العنف الأسري.
- الحصول على دعم إضافي من المهنيين الذين يمكنهم متابعة الحالة والمشاركة في الحلول.
- توفير شخص بالغ موثوق به للأطفال ليطلبوا المساعدة منه عند الحاجة.
- دعم المجتمع بشكل أوسع والقضاء على الوصمة المرتبطة بالصحة النفسية.
ما الذي يمكن تقديمه لدعم الصحة النفسية للأطفال أنفسهم؟
- تزويد الأطفال بمعلومات دقيقة تتناسب مع أعمارهم حول مشاكل الصحة النفسية، مما يساعدهم على فهم الأمور بشكل أفضل.
- شرح الصعوبات النفسية التي يواجهها أحد الوالدين يمكن أن يفتح المجال لمناقشات أوسع حول العلاقات والعواطف بشكل عام.
- توفير بيئة آمنة للأطفال ليبتعدوا قليلاً عن مشاكل والديهم، مما يمنحهم الفرصة لتطوير أفكارهم وعواطفهم الخاصة.