أهمية ثقافة الاستماع في المجتمع
تُعتبر التكنولوجيا في الوقت الحالي الأساس في كافّة مجالات الحياة تقريبًا بما فيها التواصل؛ إذ حلّت الرسائل الفورية والدردشة السريعة مكان التحدّث والاستماع، ومما لا شك فيه أنّ المجتمعات بحاجة إلى أن يتوقّف الناس قليلًا ليستمعوا إلى بعضهم البعض حتّى وإن لم يوافق أحدهم على ما يقوله الآخر، وفيما يأتي تأثير الاستماع على المجتمع:
إنّ امتلاك الأفراد مهارة الاستماع يُمكن أن يُحدث فرقًا حقيقيًا في المجتمع؛ فعندما يستمع الأب لأولاده، أو القائد لمرؤوسيه، أو الصديق لصديقه أو مندوب المبيعات لعملائه؛ سيعرف كل منهم احتياجات الطرف الآخر، مما يجعله قادرًا على تقديم الأفضل لهم كلٌ في مجاله، ليُصبح بالتالي الأب أبًا أفضل، أو القائد قائدًا ناجحًا منتجًا أكثر مثلًا.
عندما يستمع أفراد المجتمع لبعضهم البعض بفعالية؛ أي بالإنصات لما يقوله الآخر وفهمه وليس مجرّد السكوت، من شأنه أن يزيد الترابط فيما بينهم، ومن المعروف أنّ الترابط الاجتماعي هو أحد أسباب السعادة البشرية؛ فالعلاقات الإنسانية مهمة لدى الكثير من الأشخاص بشكلٍ يوازي أو يزيد على أهمية الرفاهية المالية أو الشهرة.
عندما يولي الشخص قدرًا أكبر من الاهتمام للآخرين فيمنحهم الفرصة للتعبير عن أفكارهم وتجاربهم بحريّة دون مقاطعة، أو مداخلات، أو تجاهل، أو إطلاق أحكام أو نصائح دون إذن، سيُشعرهم بأنّه يهتم بمشاعرهم ويُقدّرها فعلًا، مما يجعل منه صديقًا جيدًا، ويُعزّز بالتالي الثقة، إلى جانب ذلك فإنّ الاستماع الجيد يسهم في تقديم المستمِع للمساعدة اللازمة ما لم يرغب الطرف الآخر في التحدّث فقط دون طلب نصيحة.
عندما يتحدّث الإنسان فقط فإنّه يُكرر ما يُعرفه من معلومات فعلًا، لكن عندما يستمع قد يتعلّم أشياء جديدة؛ فبالاستماع يُمكن التعرّف على بعض الأفكار المميزة التي يحملها أشخاص آخرون، خصوصًا عندما يمتلكون شخصيات وأفكارًا مختلفة عن شخصية المستمِع وأفكاره، وبالمقابل فإنّ عدم الإنصات يُفوّت فرصة التعلم أو مقابلة أشخاص جدد.
ومن الأمثلة على ذلك؛ فيما يتعلّق بالخطابة أمام جمهور من الناس، إذ يُساعد الاستماع الجيد لمن يمتلكون ملكة الحديث أمام الناس على التقاط المزيد من المفردات والأساليب التي يستخدمونها في خطبهم، ومعرفة طريقة تشكيل الحجج وتقديم المعلومات بطريقةٍ تُقنع المستمِعين لهم،
وبعد الاستماع بالطريقة المذكورة، يبدأ الشخص بتحليل الأساليب الجيدة التي يُمكن الاستفادة منها والأساليب الأخرى التي لا تعمل، ودراسة كيف بالإمكان استخدام الاستشهاد بالمصادر بشكلٍ فعّال في عروضه التقديمية القادمة.
يُقلل الاستماع الفعّال من الخلافات والنزاعات بين أفراد المجتمع؛ وذلك لأنّ الكثير منها ينتج عن سوءٍ في الفهم، إضافةً إلى ذلك يُساعد الاستماع في حل النزاعات عند حدوثها بشكلٍ فعال وعادل لجميع الأطراف؛ نظرًا لتسهيله عملية التفاوض فيما بينهم.