-

أمراء الطوائف في العصر الأندلسي

أمراء الطوائف في العصر الأندلسي
(اخر تعديل 2024-09-09 08:09:33 )
بواسطة

مجاهد بن يوسف بن علي، من فتيان المنصور بن أبي عامر، تولى مدينة دانية في عهد المنصور بن أبي عامر، وبعد قيام الفتنة وانقطاع الخلافة عن الأندلس تمكن مجاهد العامري من الانفراد بحكم دانية والجزر الشرقية منورقة وميورقة ويابسة في عام 405 هـ، ولقب نفسه بالموفق بالله، واستطاع مجاهد العامري فتح جزيرة سردينية في عام 406 هـ، وقد كان له معرفة وعلم وأدب، بالإضافة إلى حسن التدبير والسياسة.

بعد وفاة مجاهد العامري في عام 436 هـ، تولى حكم مدينة دانية والجزر الثلاث ابنه علي إقبال الدولة، وقد تمثلت سياسة إقبال الدولة على الحياد في العلاقات مع باقي أمراء الطوائف، فعقد تحالفاً مع بلنسية وشنتمرية الشرقية، وعقد معاهدات صلح مع ملك قشتالة، وقام في عام 447 هـ بإمداد مصر بالمؤن والأطعمة، وذلك بعد تعرضها لقحطٍ شديد، وبرزت في عهده الحرية الفكرية.

وساءت العلاقات بين مملكة علي إقبال الدولة، والمقتدر بن هود صاحب سرقسطة؛ وذلك لأن علي استقبل الهاربين من وجه المقتدر في دياره، وقد سار المقتدر بن هود إلى دانية بجيوشه لمحاربة إقبال الدولة، وبعد حصاره للمدينة قبل علي إقبال الدولة تسليم المدينة للمقتدر بن هود، وذلك في عام 468 هـ.

وانفصل عبدالله المرتضى والي الجزر الثلاث عن دانية بعد سقوطها بيد المقتدر، واستمر في حكم الجزر الثلاث إلى حين نزول المرابطين الأندلس وأخذهم الجزر عام 503 هـ.

وهما من فتيان المنصور بني أبي عامر، وقد ثارا في مدينة بلنسية على الوالي عبد الرحمن بن يسار، فتمكن الاثنان من حكم مدينة بلنسية وشاطبة، وقد عمرت حصون المدينة في عهدهما، وكثرت جباية الضرائب من أهلها، ووفد على بلنسية أهل الحِرف والمِهَن، فازدهر بنيان المدينة، وكثر ساكنوها من الصقالبة والفتيان والعبيد، وبرز في بلنسية الفرسان والمقاتلين.

بعد وفاة مبارك ومظفر قام بقية الفتيان العامريون في بلنسية بتنصيب عبد العزيز بن عبد الرحمن بن المنصور بن أبي عامر المعافري، وقد حاول عبد العزيز توسيع مملكته، فبعث الرسائل إلى أهل المرية لمبايعته، فقبل أهل ألمرية بيعة عبد العزيز، وأدى هذا إلى نشوء الصراع بين مجاهد العامري وعبد العزيز بن المنصور.

خَلَفَ عبد العزيز بن المنصور ابنه عبد الملك، وذلك في عام 452 هـ، وقد سقطت المدينة بيد المأمون بن ذي النون صاحب طليطلة بعد أن داهمها، وأرسل عبد الملك إلى قلعة في أقليش وحبسه فيها، وذلك في عام 457 هـ، وتولى مدينة بلنسية محمد بن عبد العزيز المعروف بابن رويش، وتوالت بعد ذلك الحروب لاحتلال المدينة بين أمراء الطوائف والممالك الإسبانية، ثم حكم المدينة الكمبيادور، وشَرَدَ المسلمين فيها، إلى أن دخلها المرابطون عام 495 هـ.

هو جهور بن محمد بن جهور بن عبيد الله من موالي بني أمية، اتفق عليه أهل قرطبة لتنظيم أمورها، وكان ابن جهور قد جمع زعماء ووجهاء قرطبة يشاورهم في كل أمر يحدث في المدينة، وعرفت هذه المؤسسة بحكومة الجماعة، وكان بيدهم الحل والعقد وصرف الأموال وتنظيم المدينة، وغير ذلك من أمور قرطبة، وقد استطاعت هذه الحكومة قمع أعمال الشغب في قرطبة، وأصلحت القضاء وازدهرت التجارة ونمت المدينة مرةً أخرى.

وبعد وفاة أبي الوليد بن جهور، تسلم ابنه عبد الملك رئاسة الجماعة في قرطبة، فأساء التدبير، وقد هرب ابن زيدون إلى جوار ابن عباد في إشبيلية، وقد دبر المعتضد بن عباد مكيدة للإطاحة بالوزير ابن السقاء في قرطبة، فأوقع الخلاف بينه وبين عبد الملك بن جهور، فقام عبد الملك بقتل وزيره ابن السقاء، وحدث الخلاف بين عبد الملك وأخيه عبد الرحمن على رئاسة الجماعة، فقام عبد الملك بحبس أخيه، واستبد بأمور قرطبة.

في عام 462 هـ سار المأمون بن ذي النون لغزو قرطبة، فطلب عبد الملك بن جهور المساعدة من المعتمد بن عباد، الذي أسرع بتجهيز الجيش للمسير إلى قرطبة، وأثناء هذا عاد المأمون بن ذي النون إلى طليطلة، واستمر قائد جيش المعتمد ابن عباد في تقدمه نحو قرطبة، ودخل المدينة بعد قتال يسير، وسارع أهل قرطبة بإعلان الولاء للمعتمد بن عباد وخلعوا عبد الملك بن جهور.

وهو محمد بن إسماعيل بن قريش بن عباد اللخمي، تولى خطة القضاء في إشبيلية في زمن المنصور بن أبي عامر، واستطاع الحصول على الرئاسة في إشبيلية، ثم عهد لابنه إسماعيل بالرئاسة، وقد اصطدم أبو القاسم ابن عباد مع المنصور بن الأفطس صاحب بطليوس، وذلك على مدينة باجة، كما أعلن ابن عباد ظهور هشام المؤيد في إشبيلية وطلب من أمراء الطوائف البيعة للخليفة الأموي.

بعد وفاة أبو القاسم في عام 433 هـ، تولى ابنه عباد الحكم في إشبيلية، وقد كان أبرز أمراء الطوائف وأعظمهم دولةً وجاهاً، ولقب نفسه بالمعتضد، وقد استطاع الاستيلاء على الإمارات في غرب الأندلس مثل لبلة، وثغر ولبة، وإمارة شنتمرية، ومدينة باجة، وإمارة شلب، وقام المعتضد بن عباد بمد نفوذه إلى الجنوب فملك إمارة شذونة، وأركش، ومورون، ورندة، وقرمونة، والجزيرة الخضراء.

تولى المعتمد بن عباد حكم إشبيلية بعد وفاة والده المعتضد، وقد كان المعتمد شاعراً أديباً، وكثرت أشعاره في الغزل، وكثرت كذلك الروايات حول الأمور التي قام بها في سبيل إرضاء زوجته اعتماد الرميكية، مثل يوم الطين.

وقد لقب نفسه بالمعتمد نسبةً إلى اسم زوجته، وقد استطاع المعتمد السيطرة على قرطبة، كما قام بطلب المعونة من يوسف بن تاشفين أمير المرابطين، للعبور إلى الأندلس، وذلك ليساند أمراء الطوائف في حربهم أمام ملك قشتالة، وبرزت فروسية المعتمد في معركة الزلاقة.

هو عبد الله بن مسلمة بن الأفطس من بني مكناسة من المغرب، وقد استطاع ابن الأفطس الحصول على حكم بطليوس بعد وفاة سابور الفارسي، أحد فتيان فائق الخادم مولى الحكم المستنصر، وكان ابن الأفطس كثير الحذر من ممكلة إشبيلية، فقام بتحصين مدينته وتنظيم أمورها، وقد ثار ابنا سابور الفارسي في مدينة أشبونة على ابن الأفطس، فاستطاع إخضاع ثورتهما.

وبعد وفاة عبد الله بن الأفطس، تولى ابنه محمد الحكم، وقد لقب محمد نفسه بالمظفر، ونشبت العديد من الحروب بينه وبين ابن عباد حاكم إشبيلية، وكذلك الأمر مع ابن ذي النون صاحب طليطلة، الذي شن العديد من الغارات على مدن ابن الأفطس وأثار الخراب فيها، وسقطت مدينة قلمرية في يد الإسبان في عهده، وقد برز من بني الأفطس المتوكل بن المظفر، إذ كان بلاطه جامعاً للشعراء والأدباء.

وهو من البربر، تولى إسماعيل حكم طليطلة واستعمل أبي بكر الحديدي لتدبير أمور المدينة، وبعد وفاة إسماعيل تولى ابنه المأمون بن ذي النون الحكم، واستعمل ثلاثة وزراء إلى جانب ابن الحديدي، وهم الحاج ابن محقور، وابن لبون، وابن سعيد، واتسعت حدود مملكة ابن ذي النون في عهد المأمون حتى وصلت مشارف بلنسية، وساد بها الأمن وازدهار التجارة.

وكان حكم المأمون بن ذي النون مليئاً بالحروب والغارات، فقد قاتل ابن هود صاحب سرقسطة، وابن عباد صاحب إشبيلية، وقد كان الخلاف مع بقية أمراء الطوائف على القلاع الحدودية، فقد تنازع مع ابن هود على قلعة أيوب ووادي الحجارة، وقد طلب المأمون المعونة من ملك قشتالة في حربه مع ابن هود، فقام ملك قشتالة ببعث جنوده لبث الخراب في نواحي سرقسطة، واستمر السجال بين المأمون وابن هود إلى وفاة المأمون في عام 467 هـ.

وبعد وفاة المأمون، تولى الحكم ابنه يحيى الملقب بالقادر، وقام القادر بالاحتيال على الوزير ابن الحديدي لقتله، وضعفت سلطة القادر داخل طليطلة وكثرت الفتن والاضطرابات داخل المدينة، وأخذ ملك قشتالة يزيد من مطالبة من القادر بن ذي النون، حتى لم يستطع إيفائها له، فقام ملك قشتالة بالسير إلى طليطلة لحصارها، فهرب عنها القادر، وسقطت مدينة طليطلة بيد ملك قشتالة في عام 478 هـ.

كان من وجهاء سرقسطة في عهد الوالي محمد بن عبد الرحمن التجيبي، وكان سبب الخصومة بين ابن ذي النون وابن هود هو غلبة ابن هود على التجيبي وأخذه السلطة في سرقسطة منه، وكان التجيبي من أقارب ابن ذي النون، وقد قام سليمان بن هود بتقسيم مملكته بين أبنائه، فكانت مدينة سرقسطة من نصيب ولده أحمد، وكانت مدينة لاردة ووشقة من نصيب ولده يوسف، وكانت قلعة أيوب لولده محمد.

وكان هذا التقسيم سبباً في قيام حربٍ أهلية بين أبناء سليمان بن هود الثلاثة، وفي عام 456 هـ حاصر الرومانيون مدينة بربشتر من أعمال يوسف ابن هود أربعين يوماً، واستطاعوا دخول المدينة وقتل كل من بداخلها، وتقدر الروايات الإسلامية القتلى بنحو أربعين ألف أو دون ذلك بقليل، ولم يستطع يوسف بن هود أو أخيه المقتدر الدفاع عن المدينة لقلة الجنود والأموال، وانشغالهم بحروب أخرى.

وفي عهد المستعين بن هود، كان يواجه خطرين على مملكته هما الإسبان والمرابطين، فقام المستعين في أول الأمر بطلب الحماية من ملك قشتالة وتعهد بدفع الجزية، إلا أن ملك قشتالة سار بجنوده إلى مدينة وشقة، واستطاع الاستيلاء عليها، ثم قام بحصار مدينة تطيلة، واستطاع الاستيلاء عليها بعد مقتل المستعين بن هود في أرض المعركة.

وخلف المستعين ابنه عبد الملك بن هود، فقام أهالي سرقسطة بالثورة على ابن هود، وطلبوا من ابن تاشفين أن يرسل والياً عليهم في عام 503 هـ.