-

ما هو مفهوم الذاكرة؟

ما هو مفهوم الذاكرة؟
(اخر تعديل 2024-09-09 08:09:33 )
بواسطة

كثيراً ما يخطر ببالنا أسئلة عديدة تتعلق بالذاكرة، مثل: ما هي الذاكرة؟ وما هي أنواعها؟ طويلة المدى وقصيرة المدى؟ وما هي العوامل التي تؤثر على حفظ المعلومات؟ وكيف يؤثر الوضع العاطفي لدينا بالتذكر والنسيان؟ وما هي أجزاء الدماغ المسؤولة عن حفظ المعلومات والتذكر؟ ما وظيفة اللوزة Amygdala وقرن آمون hippocampus في عملية حفظ المعلومات والتذكر؟ وماذا يحدث لو تأثرت هذه الأجزاء وعلاقة ذلك بالذاكرة؟ فلماذا نتذكر أشياء وننسى أخرى؟ كل هذه الأسئلة سنحاول الإجابة عنها في هذا المقال في سبيل إظهار جوانب كثيرة في الذاكرة نجهلها، ولا ندرك أهميتها وانعكاسها على سلوكنا.

ما مفهوم الذاكرة؟

هي عملية استرجاع للخبرة السابقة، وهي القدرة على تذكر أفكارنا، مما يعني أنها ضرورية للتعلم من خبراتنا السلوكية. وهي جزء من الوعي أيضا تعمل على تخزين الأشياء في الدماغ على شكل رموز، مرتبطة بأشياء أو أشكال وتستخدم مختلف الأحاسيس.

خصائص الذاكرة:

أن أکثر ما يمكن معرفته عن الذاكرة والتعلم يمكن أن يتلخص في ثلاثة مبادئ:

  • خزن الذاكرة يتم على شكل مراحل وتتغير بشكل مستمر.
  • منطقة قرن أمون hippocampus وما حولها تلعب دورا رئيسيا مركزيا في عملية التذكر.
  • الذاكرة وذخيرتها له اساس في تغيير كيميائي وبنائي ينتشر بشكل واسع في مناطق عديدة من الدماغ.
  • أنواع الذاكرة:

    ان خزن الذاكرة له على الأقل مرحلتين متميزتين هي الذاكرة قصيرة المدى Short term memory STM والذاكرة بعيـدة وطويلة المدى Long term memory LTM.

  • الذاكرة قصيرة المدی STM: عملية التذكر الزائل بسرعة للأحداث التي تمر بك، وقد تدوم من ثواني معدودة إلى ساعات قليلة. مثالا عندما تعود إلى قائمة الأرقام على هاتفك وتلتقط رقما، وبعد أن تقوم بالمكالمة الهاتفية تنسى الرقم تماما ولا تفكر به ثانية. ذلك كون الذاكرة القصيرة تبدو أنها محدودة باستيعاب من سبع أو ثماني رموز، معلومات، ارقام الهواتف، أرقام لوحة السيارة، أو جملة قصيرة يمكن أن تتذكرها من ثم تنساها بعد ذلك بوقت قصير.

  • الذاكرة بعيدة المدى LTM: الذاكرة بعيدة المدى يبدو أن قدرتها على التخزين غير محدودة، ومع ذلك فإن قدرتها على خزن المعلومات واسترجاعها يتناقص مع تقدم العمر والزمن. لذا حتى الذاكرة بعیدة المدى يمكن أن تنسی، ولكن بنك ذاكرتنا يمكن أن يشحن باستمرار مع مرور الزمن أيضا، حيث أن بعض المعلومات عندما تصل إلى القشرة الدماغية، إما أن تخزن أو تمر بسرعة وتنتهي، وهذا الأخير يمكن أن ندعوه بالذاكرة قصيرة المدى.
  • عوامل تحول الذاكرة من قصيرة إلى بعيدة المدى:

    تحول الذاكرة من قصيرة المدى إلى بعيدة المدى يتأثر بعدة عوامل منها:

    1. الحالة الانفعالية أو العاطفية Emotional state: نحن نتعلم بشكل أفضل عندما نكون يقظين، منتبهين، ولدينا الدافعية للتعلم، فمثلا: عندما نمر بحدث يهزنا، سيكون انتقاله إلى الدماغ بشكل مباشر وأن النورابنفرين الناقل العصبي للسمبثاوي يستخدم في عملية الذاكرة، ويفرز بكمية أكبر عندما نستثار، أو عندما نقع تحت ضغط نفسي انفعالي أو عاطفي.

    2. الإعادة أو التكرار Rehearsal: إن فرصة إعادة أو تكرار المعلومات التي نسمعها، نراها، نقرأها يمكن أن تحسن قدرتنا على التذكر.

    3. ارتباط المعلومات الجديدة مع المعلومات القديمة المخزونة في الذاكرة البعيدة: مثلا لاعب كرة القدم يمكن أن يخبرك بكل الحركات الخاطئة أو الفنية التي قام بها زملاؤه أثناء اللعبة، بينما الشخص العادي الذي ليس لديه معلومات عن اللعـبة يصعب عليه فهم ذلك، وبالتالي يصعب عليه تذكرها. المعلومات الجديدة وإن كانت مرتبطة بالمعلومات القديمة يمكن استدعاؤها بسرعة، أما إن كانت المعلومات مختلفة عن المعلومات القديمة وغير مرتبطة بها، فالمعلومات الجديدة تحل محل المعلومات القديمة، ولذا لا يمكن استدعاء المعلومات القديمة بسهولة.

    4. الذاكرة الآلية Automatic memory أي الطوعية أو اللاإرادية: ليس كل المعلومات التي خزنت في الذاكرة البعيدة تكونت بشكل إرادي وواع. مثلاً عندمـا يكون الطالب مركزا على المحاضرة، الذاكرة اللا واعية أو اللاإرادية تجعله يتذكر شكل ولون ربطة عنق المحاضر.

    بجميع الأحوال انتقال الذاكـرة من القصيرة إلى البعيدة المدى تحتاج إلى وقت لكي تثبت، أي هنا عملية التثبيت مهمة. عملية تماسك أو قوة الذاكرة تعتمد على الاتفاق مع الحقائق والمعلومات السابقة المخزنة بالقشرة.
    القضاء مدبلج 3 الحلقة 71

    عمليات الذاكرة:

    1. الدماغ يميز بين المعلومات كحقائق factual والمعلومات كمهارات Skills أي بين المعلومات النظرية والعملية.

    • معلومات الحقائق كالحقائق العلمية، الأسماء، الكلمات، المواعيد تعود إلى وعينا وقدرتنا على معالجة الرمـوز وخزنها. الحقائق يمكن أن تنسى بسرعة، ولكن عندما تصبح الحقائق في الذاكرة بعيدة المدى يمكن أن تبقى في الذاكـرة وهي تصبح كذلك إذا تعاملنا معها بكثرة وكررناها وركزنا عليها وبنينا عليها حقائق أخرى متصلة بها

    • الذاكرة القائمة على المهارة أو العملية فإنها تحتاج إلى تعلم واعي بشكل أقل من تعلم الحقائق العلمية، هي تحتاج لاستخدام النشاط الحركي العملي ويمكن أن تكتسب بالتدريب والتمرين فقط، كما نتعلم ركوب الدراجة أو ما شابه ذلك من المهارات كسياقة السيارة مثلا والضرب على الآلة الكاتبة. وهذا النوع من التعلم يكون أفضل في التذكر حيث أنه لا ينسی بسهولة كما أنه لا يحتاج إلى تفكير أو جهـد واعي لاسترجاعه، فمثلا سائق الدراجة او السيارة يقوم بالحركات المطلوبة بشكل آلي دون تفكير بعد أن يتم التعلم بشكل جيد، وكذلك القراءة والكتابة كمهارات.

    2. التراكيب الدماغية المستخدمة في الذاكرة:

    أكثر معلوماتنا عن التعلم والتذكر آتية من التجارب على الحيوانات والدراسات المختبرية على الحيوانات بينت أن هناك عدة تراكيب أو مناطق دماغية مستخدمة في كلا النوعين من الذاكرة. ان كان دماغ الإنسان يعمل بشكل كلي فإن عملية تذكر الحقائق لابد وأن تكون كلية أيضا. وكل نوع من الذاكرة مرتبط أيضا بمنطقة مناطق من القشرة الدماغية، فمثلا التذکر البصري لابد وأن يخزن في الفص البصري القذالي وتذكر الموسيقى في الفص الصدغي وهكذا، ولكن مثلا: تذکر عمتك الحنون التي كانت تعطف عليك أكثر من غيرها، صوتها الحنون، قبلاتها الجميلة. كل هذه تأخذ أماكن في كل القشرة الدماغية.

    3. الترابط في الذاكر:

    بحوث مكثـفة جرت في هذا الميـدان وبينت أن مناطق مختلفة تتشارك

    وتتعاون في خزن الادراكات الحسية في تذكر الحقائق، وهذه المناطق هي: قرن آمون hip pocapus والدمـاغ الأوسط diencephalon مناطق محددة من الثلاموس والهيبوثلاموس والجزء البطني الأوسط لمقدمة الجزء الأمامي للقشرة Basal fore-LLULi Ventromedial prefrontal cortex brain) وهی خلايا معقدة تفرز استيل كولين تقع أمام الهيبوثلاموس.

    4. عملية خزن المعلومات:

    عند وصول الإدراكات الحسية وتشكيلها في القشرة الحسية، تقوم الخلايا القشرية بإرسال ومضات بواسطة دائرتين متوازيتين إلى قرن أمون واللوزة، وكلاهما متصل بالدماغ الأوسط (أجزاء محددة من الثلاموس والهايبوثلاموس) ومع قاعدة ومقدمة الفص الأمامي للقشرة. وقاعـدة الفص الأمامي وبواسطة اتصالها الراجع إلى القشرة الحسية عندها تغلق حلقة الذاكرة. کیف يتم ذلك؟ يتم بارسال ومضات راجعة إلى مناطق القشرة الحسية. يعتقد أن هذه التغذية الراجعة للومضات تسبب تغييرات توصل الادراكات الجديدة إلى ذاكرة أکثر قوة. هذا المخطط أو الحلقة يقترح أن المناطق تحت القشرية تقوم باتصال اولي بين الذاكرة والإدراكات الجديدة وذلك بدخول المناطق القشرية التي تخزن فيها الذاكرة البعيدة على شكل استدعاء أو استرجاع أو تذكر بشكل تشاور إلى أن يتم تماسك المعلومات الجديدة، وبعد ذلك فان استرجاع الذاکرة الجديدة يظهر عندما تنبه نفس الخلايا القشرية.

    مقدمة القشرة يبدو أنها ضرورية في استرجاع تعلم الحقائق من المخزن البعيد المدى أينما يتم خزنه في الدماغ لكي تستعمل في المهمات الحالية. الذاكرة متعددة الأشكال والوظائف، مثل: تذکر مكان الأشياء، أشكالها، وأسمائها. لذا يبدو أن هذه الوظيفة متعددة ومضاعفة إما أن تثير أو تحبط مناطق أخرى في الدماغ .

    فقدان الذاكرة:

    اقترحت البحوث أن قرن آمون هو المسؤول عن التعلم والتذکر المكاني بينما وجد أن الوزة amygdala هي البوابة الحافظة لجهاز الذاكرة. الثلاموس مع اللوزة لها ارتباطات واسعة مع كل مناطق القشرة الحسية، وكذلك مراكز الاستجابات الانفعالية في الهایيبوثلاموس. ويبدو أن اللوزة مسؤولة عن ربط أنواع الذاكرة التي تشكلت عبر مختلف الأحاسيس، كما تربطها بحالات انفعالية عاطفية تولدت في الهايبوثلاموس.

    إن تخريب قرن آمون أو اللوزة كهربائيا يؤدي إلى فقدان ذكريات تشكلت عبر الذاكرة خاصة قصيرة المدی، أما إذا كان تخريب المنطقتين حصل في جانبي الدماغ Bilateral فإنه يسبب فقدان كامل للذاكرة؛ لأن حلقة الذاكرة تنقطع أما الذاكرة المتماسكة Consolidated memories فلا تتأثر. ولكن لا يمكن أن يحدث ربط للمعلومات الجديدة مع القديمة المخزونة، ويكون الإنسان في هذه الحالة يعيش ساعته أو وقته الحاضر أي ينسى الأشياء اللاحقة بعد حصـول التخريب أو القطع بين قرن امون واللوزة. هذه الظاهرة تسمی anterograde amneisia أي نسيان الأحداث التي تحصل بعد حصول الصدمة أو المرض الذي سببها، وتعني النسيان اللاحق. وبعكس ذلك هناك النسيان السابق retrograde amnesia أي فقدان الذاكرة التي تشكلت بوقت طويل سابق أو قبل حصول ضرر ما في مناطق الذاكرة مباشرة. وكمثال على النسيان اللاحق، تصور أنك قمت بمناقشة شخص ما وتحدثت معه وهو وبعد مرور خمس دقائق صادفته مرة أخرى سترى أنه نسيك ونسی كل المحادثة التي جرت بينكما.