-

ما الفرق بين العولمة والعالمية؟

ما الفرق بين العولمة والعالمية؟
(اخر تعديل 2024-09-09 08:09:33 )
بواسطة

الفرق بين العالمية والعولمة في الانفتاح

العالمية هي حركة إنسانية تسعى إلى خدمة البشرية وإيجاد التقارب بين الشعوب وفيها يبلغ الانفتاح أقصاه، ويشمل عددًا من الجوانب المتعلقة بالقيم والأخلاق والمبادئ، والقوانين المُتَّفق عليها دوليًا مثل: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويُمكن عدّ العالمية أسبق من العولمة؛ لأنَّ العالمية صفةٌ يُمكن إضفاؤها على أيِّة فكرة تأخذ طابعًا شموليًا.

إنَّ العولمةَ مصطلحٌ جديدٌ يُعبِّرعن ظاهرةٍ قديمةٍويُقصد بها السياسة الكونية ويُقال عنها الكوكبة، ويرجع نشأتها إلى سقوط الاتحاد السوفييتي في تسعينيات القرن العشرين؛ لذلك يُعد مصطلحًا أكثر عصريةً من العالمية.

كان المبدأ الأساسي للعولمة الانفتاح الاقتصادي، فقد وقَّعت دول العالم على اتفاقية التجارة العالمية التي ترأستها الولايات المتحدة الأمريكية، والهدف النهائي منها هو ازدياد العلاقات التجارية وتعزيزها بين الدول.

الفرق بين العالمية والعولمة في الاحتفاظ بالهوية الخاصة

تسعى العالمية إلى توحيد الجهود للاتفاق على قوانين ومبادئ تتماشى مع إنسانية المواطن وهذه المبادئ تتميز بالشمولية، وقد أخذ مفهوم العالمية طابعًا دينيًا فقط، فالقيم الإسلامية تتميَّز بأنَّها قيمٌ عالميةٌ يُمكن للإنسان تبنِّيها أينما كان، واتفق على تسمية هذا الرأي بمصطلح عالميَّة الإسلام، وهذا لا يتعارض مع وجود هويةٍ خاصةٍ تُميِّز كلَّ شعب عن الآخر.

كما أنَّ الهوية الخاصة لا تتعارض مع العالمية، فقد عرَّفت اليونسكو الهوية الثقافية على أنَّها انتماءٌ إلى جماعةٍ لُغوية محليةٍ أو إقليميةٍ أو وطنيةٍ، بما في ذلك من القيم الجمالية أو الأخلاقية، وهذا التعريف يُعبِّر عن القدرة على الانفتاح الكبير على كل ما هو عالمي وإنساني.

أمَّا العولمة ونتيجةً لاقتصارها على الجانب الاقتصادي والتبادل التجاري، فإنّه ليس من اهتمامها الاحتفاظ بالهوية الخاصة لشعبٍ أو أمةٍ، بل إنَّها تُوحِّد جهودها من أجل تحقيق أكبر قدرٍ ممكنٍ من العوائد الاقتصادية، وانتقال السلع بين الدول ومشاركة رؤوس الأموال.

الفرق بين العالمية والعولمة في المصلحة الشخصية

ترى العالميَّة أنَّ لمصلحة الفرد دورًا كبيرًا في تعزيز الجهود للاتّفاق على ميثاقٍ عالميٍّ يشمل مجموعةً من المبادئ، فالهدف النهائي من المواثيق العالمية صون كرامة الإنسان وحقوقه أينما حل.

أمّا العولمة فركّزت على الحقوق المتعلقة بالجانب الاقتصادي والتجاري، ولكنَّها في الوقت نفسه عزّزت الاستثمار العالمي، والتعاون الدولي وكان للثورة التكنولوجية دورٌ هامٌ في تقريب الحدود كما وعزّزت انتشار الديمقراطية، وزيادة الوعي بحقوق الإنسان.

الفرق بين العالمية والعولمة في الفردية

هنالك بعض الفروقات في الفردية بين العولمة والعالمية، خاصةً المتعلقة بالجوانب التعليمية والثقافية، ويَكمنُ الفرق بين العولمة في التعليم والعالمية هو أنَّ العولمة لمّا كانت تسعى لتوحيدٍ يشمل جميع مجالات الحياة أصبحت القيم تخضع للمادية، الأمر الذي دعا إلى ضرورة مقاومة ذلك الغزو بسرعة، والحفاظ على خصوصية التعليم في الوطن العربي كَونه أساس الهوية العربية.

في حين أنَّ العالمية دعت إلى احترام حقوق التعليم وجعله مجَّانيًّا وإلزاميًّا في المراحل الأولى على الأقل، وأن تهدف التربية إلى تنمية شخصية الإنسان.

الفرق بين العالمية والعولمة في الخصائص

يصعب التمييز بين العولمة والعالمية من حيث الخصائص، لأنَّ كليهما يُركز على تعميمِ نظمٍ معينةٍ، ولكنْ يُمكن التمييز بينهما من حيث نوعية النظم المراد تعميمها، فالعالمية تُركِّز على النظم الحقوقية والقيمية وأن ترقى بالناس قُدُمًا وأن ترفع من مستوى الحياة.

أمَّاالعولمة فتختصُّ بالجانب الاقتصادي القائم على أساس فتح الحدود للتبادل التجاري، ويرى بعض المفكرين المعاصرين أنَّ العولمة شملت بعض الجوانب المتعلقة بقيم الشعوب والأمم وثقافاتها، والسبب في ذلك هو سيادة النظام الاقتصادي الأمريكي بعد انتهاء الحرب الباردة وتوقيع اتفاقية التجارة العالمية.

لا يُوجد الكثير من أوجه الشبه بين العالمية والعولمة، ولعلَّ الشبه الرئيس بين الاثنين هو أنَّ كليهما يسعى إلى التعميم، فالعولمة هي صَبْغ العالم بصبغةٍ واحدةٍ في أيٍ من المجالات، والهدف منها تقارب البشر في الفكر واللغة والمعتقدات، أمَّا العالمية فتسعى إلى توحيد الجهود للاتفاق على قوانين ومبادئ تتماشى مع إنسانية المواطن.

فكلا المفهومين يحمل صفة التعميم على البشر، ويدعو إلى توحيد الجهود من أجل الاتفاق على الصياغة العامة والنهائية للمواثيق والنظم الدولية.

هنالك العديد من الأمثلة على العولمة، أهمها:

  • الشركات متعددة الجنسيات: ويُقصد بها الشركات التي تعمل على زيادة تداول الاستثمار العالمي عبر دول العالم، وقد ساعدت على توحيد نمط الاستثمار العالمي، فأصبح وكأنَّه سوقٌ واحدةٌ بفروع مختلفة.
  • المنظمات الاقتصادية العالمية: وأهمها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية.
  • التكتلات الاقتصادية الدولية والإقليمية: من أهم وظائف هذه التكتلات هو فرض النظام الاقتصادي الرأسمالي والمساعدة على تحقيق مصالح الدول المنتسبة إليها ومن أهم هذه التكتلات الاتحاد الأوروبي.

ومن الأمثلة على العالمية، ما يلي:

  • الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: وهو ميثاق دولي عالمي، شاركت فيه كل دول العالم لوضع الحقوق المتفق عليها عالميًا ولا يجوز المساس بها.
  • اليوم العالمي للبيئة: تمَّ تحديده من قِبَل الأمم المتحدة ويُوافق الخامس من حزيران من كل عام، وقد اتُّفِقَ فيه على مجموعةٍ من المبادئ لحماية الطبيعة ومنع تدميرها.

بناءً على ما سبق، نجد أنّ العالمية دعت إلى خدمة البشرية وإيجاد التقارب بين الشعوب دون طَمسِ الهوية الخاصة بهم، وعلى عكسها العولمة فهي أدَّت إلى تذويب الفوارق بين الدول، لذا نستطيع أن نقول إنّ العالمية أفضل من العولمة.

نستنتج أنَّ العولمة والعالمية مفهومان يهدفان إلى تعميم فكرٍ معين وصَبْغ العالم به، لكنّ الفرق أنّ العولمة لم تُترجَم على شكل مواثيق رسميةٍ إلا بعد انتهاء الحرب الباردة، وسيطرة النظام الرأسمالي على العالم، أمَّا العالمية يُمكن أن تُطلق على أية فكرةٍ تسعى للانتشار في كافة أنحاء العالم.